Thursday, September 04, 2008

تأديب هشام طلعت مصطفى !

تأديب هشام طلعت مصطفى !

جمال سلطان : المصريون ـ بتاريخ 3 - 9 - 2008

أيا كانت التفسيرات لما حدث في واقعة هشام طلعت مصطفى ، والقرار المفاجئ بإحالته محبوسا إلى محكمة الجنايات متهما بالتحريض على قتل سوزان تميم ، فإن هناك حقيقة واحدة أكيدة ، وهي أن جهة ما في الدولة قررت "تأديب" هشام ، ليس لعلاقته الشائنة مع المغنية اللبنانية ذات السمعة "الحميدة" ، ولا لأنه تواطأ على قتلها في عمل لا يقوم به إلا رجال المافيا والعصابات ، ولكن لسبب جوهري هو الإحراج الشديد الذي سببه للسلطة وللرئيس مبارك نفسه وأسرته ، بكل استهتار وانعدام الإحساس بالمسؤولية وليس فقط ضعفها ، ليس خافيا أن هشام يرتبط بعلاقات خاصة جدا وأسرية جدا مع بيت الرئيس ، وقد دلله الرئيس مبارك نفسه تدليلا زائدا عن الحد وبصورة لافتة ، حتى أنه ذهب بنفسه لكي يفتتح فندق سان استيفانو الذي أنشأه في الاسكندرية في واقعة أثارت استهجان الكثيرين ، لأنه من غير اللائق برئيس دولة في حجم مصر أن يذهب لافتتاح فندق أقامه رجل أعمال أيا كان ، كما أن الرئيس أصدر توجيهاته إلى كافة قطاعات الدولة بفتح أبوابها أمام طموحات هشام وشركته وبيعت له أراضي الدولة بأبخس الأسعار لكي يجني من ورائها المليارات ، كما أن مشروع مدينتي الأخير عندما تعثر في البداية ذهب هشام وقابل الرئيس مبارك في مقابلة خاصة طويلة ، انفرجت بعدها كل الأبواب ووصلت الرسالة إلى الجميع بمن فيهم أحمد نظيف رئيس الوزراء ، كما أن جمال مبارك هو الذي قرر اختيار هشام لعضوية مجلس الشورى وهو الذي وجه بتعيينه وكيلا للجنة الاقتصادية وكان بمثابة ذراعه الأيسر ، وكان هشام مرشحا فوق العادة كوزير للإسكان في أي تعديل وزاري قادم ، وكان الإعلام الرسمي المصري مسخرا بصورة استثنائية لخدمة هشام ، صحيح أنه هو نفسه كان سخيا مع صحفيين وإعلاميين وقنوات فضائية خاصة وعامة ، واشترى ذمم الكثيرين ، لكن الأهم هو الانطباع السائد لدى الجميع بأن هشام "واصل" وسكته سالكه ، كما كان هشام يمثل في نظر القطاع الاقتصادي بكافة أذرعه الرجل الثالث في لجنة السياسات المتحكمة الآن في كافة قطاعات الدولة والحكم باستثناء الوزارات السيادية ، بعد جمال مبارك وأحمد عز ، بل إن النزاع كان قائما حتى الحادثة الأخيرة بين عز وهشام ، على من يكون "الرجل الثاني" ، وبالتالي فعندما فعل هشام فعلته التي كشفت عنها تحقيقات النائب العام ، فقد آذى اليد التي امتدت إليه بالمساعدة ، ولوث سمعة الأسرة التي دللته واعتبرته ابنا من أبنائها ، وتعامل باستهتار بالغ لم يتحسب فيه لأي توابع خطيرة يمكن أن تنتج عن سلوكه في واقعة قتل المغنية اللبنانية ، وبالتالي كان لا بد من معاقبة هشام ومن تأديبه ، والمؤكد أن هشام عندما طلبوا منه العودة إلى مصر كان واثقا من أنه لن يتعرض للتحقيق أو الاعتقال ، وأنه تلقى وعودا بذلك ، والحملة التي تم حشدها له في التليفزيون الرسمي وفي فضائيات خاصة وفي الصحف القومية مع حظر النشر المفصل على مقاس صحف المعارضة كانت تؤكد ذلك ، غير أن حجم الاستهتار الذي كشفت عنه التحقيقات والغضب الذي استبد بأسرة الرئيس كان دافعا أكيدا لتأديب هشام ، وحتى يكون عبرة لغيره ، خاصة وأن الأشهر الماضية كانت هي الأسوأ على مجموعة لجنة السياسات والمنطقة الحساسة المحيطة بالرئيس ، بعد فضيحة أكياس الدم وفضيحة ممدوح إسماعيل وفضائح أحمد عز السياسية والبرلمانية التي وصلت إلى حد بالغ الاستهتار بوجود الدولة ذاتها ، وبالتالي لم تكن أسرة الرئيس لتتحمل المزيد من استهتار المجموعة المحظوظة والمدللة ، لأن الأسرة في النهاية تدفع الثمن أو جزءا منه ، لذلك كان الاتجاه إلى إحالة هشام إلى محكمة الجنايات محبوسا وإلغاء أي سيناريوهات أخرى لتسوية الموضوع أو دفنه ، .. كان تأديبه ضرورة .