د. رفيق حبيب : المصريون .. بتاريخ 17 - 7 - 2007
هل تمثل جماعة الإخوان المسلمين معارضة سياسية للنظام الحاكم في مصر؟ الإجابة بالتأكيد هي نعم ولا معا، وتلك هي المشكلة، ليست مشكلة الجماعة على وجه التحديد، ولكن مشكلة التعامل مع دور الجماعة السياسي، وبالتالي التعامل مع دور الحركات الإسلامية المعتدلة في هذه المرحلة، في مختلف البلاد العربية والإسلامية. فجماعة الإخوان المسلمين، هي حركة معارضة للنظام السياسي الحاكم في مصر، بل هي تمثل المعارضة بامتياز، لأنها المنافس الحقيقي للنظام السياسي الحاكم في الانتخابات البرلمانية، بل وفي كل انتخابات، من النقابات إلى اتحادات الطلاب إلى نوادي أعضاء هيئة التدريس. وهي قوة شعبية وجماهيرية واضحة، وأثبتت انتخابات مجلس الشعب في عام 2005، أن للجماعة قاعدة شعبية واسعة، وأكبر من القاعدة الشعبية للنظام الحاكم، إذا كان له قاعدة شعبية، وهو في الواقع يعتمد على شبكة المصالح والعلاقات. وكان من نتائج انتخابات مجلس الشعب، إدراك النظام أن قوة جماعة الإخوان الشعبية في تزايد مستمر رغم كل السياسات الأمنية التي مارسها النظام بحقهم. ومعنى هذا أن جماعة الإخوان المسلمين تمثل القوى السياسية المعارضة الأولى في مصر، من حيث القوة والجماهيرية. ومعنى هذا أيضا أن الجماعة قد تكون قادرة في وقت منظور على الفوز بالأغلبية في انتخابات لمجلس الشعب المصري، إذا أجريت الانتخابات بنزاهة وشفافية كاملة. مما يعني أن الجماعة ليست منافسا للسلطة فحسب، بل هي بديل محتمل. وكل هذا يؤكد على أن جماعة الإخوان المسلمين، تمثل معارضة سياسية للنظام الحاكم في مصر.ولكن في المقابل من هذا، علينا ادارك حقيقة الموقف الراهن، والذي يحتوي على العديد من التعقيدات، كما علينا أيضا ادارك حقيقة دور ورسالة جماعة الإخوان المسلمين. فالنظام الحاكم في مصر يقوم على الاستبداد وليس على الديمقراطية، وبالتالي لا يمكن أن يكون للنظام معارضة سياسية، يفترض أنها جزء من النظام السياسي المصري. فالنظام الاستبدادي لا يتيح مساحة لوجود معارضة من داخل النظام مثل ما يحدث في النظم الديمقراطية. ولهذا تجد أن المعارضة التي تمارس دورها من داخل النظام السياسي المصري، هي المعارضة المتحالفة مع السلطة الحاكمة، وهي في نفس الوقت المعارضة التي تعتبر جزءا لا يتجزأ من السلطة الحاكمة، ويتعامل معها الناس على أنها معارضة غير حقيقية. وجماعة الإخوان المسلمين والتي توصف بأنها جماعة محظورة، هي التي تمثل المعارضة الحقيقية، بل أنها تمثل المعارضة في نظر قطاع مؤثر من الجماهير، وحتى الفئات التي لا تؤيد جماعة الإخوان المسلمين تنظر لها بوصفها المعارضة السياسية في مصر. بمعنى أن المعارض هو من يقف خارج النظام السياسي، لأن النظام السياسي ببساطة ليس نظاما قائما على التعددية، فمن يقف داخل النظام هو جزء من السلطة الحاكمة المستبدة، ومن يقف خارج النظام هو المعارض الحقيقي. وتلك مشكلة تعاني منها جماعة الإخوان المسلمين، وأحيانا نظن أنها السبب فيها، ولكن المشكلة لا تكمن في الجماعة قدر ما تكمن في النظام السياسي نفسه، لأن النظام الذي لا يقوم على التعددية لا يحتوي المعارضة بداخله بل يجعلها خارجه، خاصة كلما كانت معارضة بديلة بالفعل. المشكلة الأخرى في مسألة قيام جماعة الإخوان المسلمين بدور المعارضة السياسية في مصر، بل بدور المعارض الرئيسي والأول للنظام الحاكم في مصر، أن المعارض هو من ينافس السلطة على مقاعد السلطة، ويريد الوصول إلى مقاعد السلطة على حساب الحاكم الحالي. حيث يفترض في القوة المعارضة أن هدفها الأول هو أن تحل محل الحاكم الحالي، ولا يمكن أن يكون لها هدف آخر، ولا يمكن أن تتنازل عن المنافسة على السلطة الآن، ولا يمكن أن تنافس على السلطة ولكن في فترة مستقبلية غير محددة. بمعنى آخر، لا يمكن أن تكون المعارضة إلا منافس للوصول للسلطة، وجماعة الإخوان المسلمين ليست معارضة بهذا المعنى، مما يجعل قراراتها السياسية ومواقفها غير مفهومة للكثير منا. فجماعة الإخوان ليست حزبا سياسيا لا عمل له إلا الوصول للسلطة، بل أنها حركة إصلاحية تهدف إلى إصلاح حال الأمة وإصلاح حال السلطة. وهناك الكثير من الواجبات والمراحل التي يكون على الحركة الإصلاحية القيام بها، قبل أن تصل للمرحلة التي يكون فيها وصولها للسلطة مفيدا لمشروعها وضروريا. ولهذا سنجد أن وصول جماعة الإخوان المسلمين للسلطة الآن أو في المستقبل القريب، ليس مفيدا لمشروع الجماعة الإصلاحي، ولكن ممارستها للعمل السياسي، ومشاركتها في الفعاليات السياسية، مفيد لمشروعها، حيث يكون مناسبة لإعلان رأيها ونشره بين الناس. وهنا تكمن مشكلتنا أو مشكلة الجماعة، فهي جماعة معارضة لا تريد الوصول للسلطة الآن، ولا في المستقبل القريب، رغم أن الجماعة المعارضة يفترض أن يكون هدفها الوصول للسلطة، ورغم أن جماعة الإخوان قد تكون مؤهلة جماهيريا للوصول للسلطة في المستقبل القريب. وقد يسأل البعض كيف يمكن للجماعة أن تفوت لحظة يمكنها فيها أن تصل للسلطة؟ وهنا أتصور أن الكثير من علامات الاستفهام التي تدور حول جماعة الإخوان المسلمين في دورها السياسي، تحدث بسبب إشكالية دورها كجماعة معارضة للنظام الحاكم، خاصة وأنها القوة المعارضة الأولى. فالجماعة لا تحدد مواقفها بوصفها جماعة سياسية معارضة فقط، بل بوصفها جماعة إصلاحية أولا وأخيرا، وجزء من دورها الإصلاحي يتحقق في القيام بدور سياسي. ومن هنا يمكن فهم جماعة الإخوان بوصفها جماعة إصلاحية معارضة، وليست معارضا سياسيا ينافس الحاكم.
No comments:
Post a Comment