بإذنه تعالى سوف ينتصر الإسلام ـ
د. حلمى محمد القاعود : المصـريون بتاريخ 31 - 7 - 2007
يبدو – والله أعلم – أن فوز حزب العدالة التركى فى الانتخابات التشريعية 22/7/2007م ، قد أصاب العلمانيين فى العالم الإسلامى ، والعلمانيين العرب خاصة ، بصدمة لم يتوقعوها ، فقد ظلوا مذ جاء السفاح الفرنسي نابليون بونابرت فى حملته الوحشية على مصر والشام 1798م وحتى اليوم ، وفى ظل رعاية صليبية استعمارية وحشية ، يُحاولون استئصال الإسلام من النفوس والقلوب والعقول . وترواحت هذه المحاولة بين العمل الدءوب الهادئ فى مجالات شتى بطرق غير مباشرة لزعزعة ثوابت الإسلام وعوامل ازدهاره ، والعمل الطائش المتسرّع الذى كان يأخذ شكل انقلابات عسكرية أو بوليسية تفرض بالحديد والنار قيما مخالفة لمناهج الإسلام ، فى الحرية والشورى والعدل والكرامة الإنسانية . وكانت تركيا ( آخر عاصمة للخلافة الإسلامية ) النموذج الأوضح والأسرع ، فى تحويل المسلمين إلى " خواجات " بقوة السلاح والبطش والكذب ، وعاش المسلمون الأتراك فى رعب من الغازى " أتاتورك " – أبو الأتراك – حتى يومنا هذا ، ولكن أعماقهم كانت مشدودة إلى الكعبة الزهراء وإلى المساجد التى حرّم فيها الغازى الأذان باللغة العربية ، وجعل خطبة الجمعة بالتركية ، وفرض العرى على النساء ، وأصرّ على إلقاء الطربوش والعمامة ، ليرتدى الناس " القبعة الأوروبية " .. وألغى اللغة العربية فى التعليم والكتابة ، وجعل الحرف اللاتينى والمعجم الهجين الذى ينبذ الألفاظ العربية ، ويضع مكانها مقابلاً غربياً من لغات فرنسا وإنجلترا وألمانيا .. وجعل الإجازة الأسبوعية يوم الأحد بدلاً من الجمعة ، وحرّم هو وتلاميذه الحجاب فى المدارس والجامعات والمؤسسات الرسمية ... حتى صار الغراب يقلد الحمامة تماماً ، فلا صار حمامة ، ولا عاد إلى أصله الغرابى .!كانت مفاجأة العالم أن الشعب التركى المسلم الذى فتح القسطنطينية ، رمز الإرهاب الصليبى الاستعمارى الوحشى ، مازال يُحب أبا أيوب الأنصارى ، ومازال مسجد " الفاتح الأول " مزاراً يومياً يزوره مئات الأتراك فى استانبول ( الآستانة ) بمناسبة الختان أو الزفاف ، ولهم فى ذلك تقاليد رائعة وجميلة تحدثت عنها فى مناسبة أخرى .. بل إن السياح الأوربيين والأجانب ، يُصرّون على زيارة مسجد أبى أيوب الأنصارى أول مضيف للنبى – صلى الله عليه وسلم – عندما هاجر إلى المدينة المنورة ، وذهب إلى القسطنطينية ( استانبول ) ليُشارك فى جيش الفتح فى عهد يزيد ين معاوية ، وأصر - وقد جاوز الثمانين آنئذ - على المشاركة فى الجهاد ، وطلب – وهو يحتضر – أن يُدفن على أسوار المدينة التى انطلقت منها جيوش الروم الهمجية لتحارب الإسلام والمسلمين ، وعندما منّ الله على " محمد الفاتح " بفتح القسطنطينية ، كان أول ما فعله ، هو نقل رفات " أبى أيوب " إلى داخلها ، ودفنه فى ترابها ، وتشييد مسجد آية فى الروعة بجوار قبره ..الأتراك المسلمون يُحبون أبا أيوب ومسجده ، ويزورونه فى المناسبات الإسلامية والاجتماعية ، ولعل ذلك كان دليلاً على رفضهم للغازى الذى استسلم للإرادة الصليبية الوحشية ، وحاول استئصال الإسلام بالقوة المسلحة إرضاء لسادته ، وبعد سبعين عاماً صارت شوارع استانبول تعج بالمحجبات ، ومدارس القرآن يتزايد عددها فى كل مكان ، وحزب العدالة الإسلامى يحصل على أغلبية أصوات الناخبين ، ويشكل الحكومة منفرداً !وإذا كان بعض المسلمين فى بلادنا العربية يتمنى أن يحدث عندنا ما حدث فى تركيا مؤخراً ، فإنى أقول لهم : بإذنه تعالى سينتصر الإسلام ، ويذهب أعداؤه وخصومه والنخب المتغربة وخدام الهيمنة الصليبية الاستعمارية التى تبسطها أمريكا الشيطان الأكبر إلى حيث لا يرجعون . فلله جنود السموات والأرض ، ومنهم ملايين الشباب المسلم الذى يصنع الحرية والنهضة والأمل .إن الغرب الصليبى الاستعمارى يعلم جيداً أن الإسلام هو العقبة الكئود التى تقف فى طريقه لنشر القيم الفاسدة والوثنية الجديدة التى تقوم على عبادة المال والقوة ، والإسلام هو المانع الذى يتصدى له وهو ينهب ثروات الشعوب الإسلامية ، وخاصة " البترول " الذى شنَ من أجله حربين وحشيتين ، ضد شعب الأفغان المسلم ، وضد شعب العراق المسلم ، ويمكن أن نضيف إليهما الحرب بالوكالة ضد لبنان فى صيف 2006م ، والحرب الدائمة ضد الفلسطينيين ، وضد حماس بالذات ..سوف ينتصر الإسلام بإذنه تعالى بالصبر والجهاد الحقيقى ، وتجاوز المحن والآلام مهما اشتدت وعظمت .. لقد كان من اللافت للنظر أن تصرح وزيرة الإسكان الفرنسية ، وهى سياسية بارزة فى نوفمبر 2006م بأن الرئيس جورج بوش رئيس الولايات المتحدة الأمريكية ضالع – على الأرجح – فى تدبير هجمات سبتمبر 2001م التى أصابت عدة مدن أمريكية وأوقعت آلاف الضحايا ( الأهرام 8/7/2007م) . ومما يؤكد ذلك أن بوش اتخذ من الهجمات ذريعة لشن الحرب مباشرة على بلدين إسلاميين ، دون تحقيق دولى نزيه ، يثبت مسئولية هذه الجهة أو تلك ، ولكنه أطلق أبواقه لتتحدث عن " فزّاعة " اسمها " الإرهاب " أو " القاعدة " أو " الزرقاوى " . لقد طالب محمد حسنين هيكل فى " وجهات نظر " عقب الأحداث ؛ الدول العربية أن تسعى إلى إيجاد جهة محايدة تحقق فى أحداث سبتمبر 2001م ، ولكن هذه الدول لم تفعل ، ورضخت للإرادة الصليبية الاستعمارية ، التى جاءت بجيوشها الجرارة لتسرق النفط فى بحر قزوين والعراق – ولاحقا إيران – وكانت طلائع التنصير ( يسمونه تبشير ) فى مقدمة الجيوش الصليبية الاستعمارية المتحالفة ، حتى كوريا الجنوبية شاركت بمنصّريها فى أفغانستان ( اعتقلت طالبان مجموعة منهم مؤخراً وتُفاوض بهم لإطلاق سراح أفغان معتقلين ) . وللأسف ، فإن النخب العربية المتغربة ، كانت أكثر حزناً ولوعة وحرقة بسبب فوز الإسلاميين فى تركيا ، وأرجعوا نجاحهم لنشاطهم فى التنمية الاقتصادية ، وليس إلى تدينهم وعفتهم ونزاهتهم وترفعهم عن سرقة شعبهم أو الاستدانة من دول الاستخراب الصليبى المتوحشة .. والسؤال هو : لماذا لم تنجح حكوماتكم العلمانية التى تعترّ من الإسلام فى تحقيق تنمية اقتصادية فى البلاد العربية ؟ بل لماذا تخاف هذه الحكومات من إجراء انتخابات نزيهة دون تزوير كما فعل الأتراك ؟شاعر شهير ينتسب إلى فلسطين ويحمل الجنسية العبرية ، قال لمحررة هاآرتس " داليا كيريل " فى ملحقها الصادر فى 13/7/2007م إن أصولية حماس لا تُخيفه سياسيا ، ولكن تُخيفه ثقافيا لأنها تميل إلى فرض آرائها على الجميع ، وتؤمن بالديمقراطية لمرة واحدة للوصول إلى صناديق الاقتراع والحكم فقط .ثم وصف الأصوليين ( يقصد الإسلاميين ) بأنهم كارثة على الديمقراطية ، ورأى أن ديمقراطيتهم مناقضة للديمقراطية ! هذا ما قاله الشاعر الشيوعى السابق " المتأسرل " الحالى ، الذى يتكلم عن الغزاة النازيين اليهود بكل ود ورقة وتحضر ..! وتكافئه دول عربية بجوائزها وتحتفى به حفاوة غير عادية ! واسأله ما رأيه فى الديمقراطية التركية التى أجراها الأصوليون " مرتين " حتى الآن ؟بإذنه تعالى سينتصر الإسلام ، وستنهزم النخب العلمانية التى تحاربه فى بلادنا .. لأنها تنطلق من مصالحها الخاصة ، وإشباع غرائزها الحيوانية . دون أن تضع فى حسبانها مصالح بلادها وحريتها واستقلالها وحماية ثرواتها ، فضلاً عن كرامتها .
No comments:
Post a Comment