الهلع من التجربة التركية |
جمال سلطان : المصريون بتاريخ 25 - 7 - 2007 |
افتتح مكرم محمد أحمد موجة التعليقات "الرسمية" المصرية على نتائج الانتخابات التركية بمقاله أمس الأربعاء في صحيفة الأهرام ، ومن المنتظر أن تشهد الصحافة القومية موجة من المقالات والتحليلات خلال الأسبوعين المقبلين كلها موجهة نحو معنى واحد وهو أن التجربة التركية غير صالحة للتحقق في مصر ، وأن التيار الإسلامي الذي فاز في تركيا يختلف عن التيار الإسلامي في مصر ، وبالتالي فلا أمل في ديمقراطية ولا أمل في فتح النوافذ الشرعية أمام التيار الإسلامي المعتدل ولا أمل في إدماج الإسلاميين في مشروع سياسي أو ديمقراطي ، بطبيعة الحال التدشين الذي قدمه مكرم محمد أحمد ، كاتب مقالات الرئاسة سابقا ، لم يقل كل النتائج بهذا الوضوح ودفعة واحدة ، وإنما مهد لها بوضوح كاف بالمحصلة التي انتهى إليها في مقاله بأن التجربة التركية غير مناسبة لمصر لأن التيار الإسلامي التركي أكثر انفتاحا وتحديثا من جماعة الإخوان في مصر ، ولكن تبقى مشكلة طرح مكرم أنه دعائي محض لأنه لم يقدم أي معنى أو دليل على كون التيار الإسلامي في مصر غير منفتح وغير قابل للتحديث ، كما أنه يتحدث عن التيار الإسلامي وكأنه جماعة الإخوان المسلمين وحدها مثلا ، وهذا غير صحيح قطعا ، ويعرف مكرم أنه غير صحيح ، لأن هناك قوى إسلامية أخرى وأحزاب ومشروعات أخرى تقدمت وتم رفضها لعل أبرزها تجربة حزب الوسط ، هو الأكثر انفتاحا في الحالة السياسية الإسلامية المصرية ، كما أنه يجمع تركيبة من النشطاء يصعب تصنيفهم جميعا بالإسلاميين ، وكان من بين مؤسسيه رموز قبطية والمرأة وقطاعات مختلفة من الأكاديميين والمهنيين ومن لم يعرفوا في حياتهم أي انتماء لجماعات أو تيارات دينية ، وفتح مؤسسو الحزب حوارات كبيرة ورائعة مع مختلف ألوان الطيف السياسي المصري ، ومع ذلك تم رفض الحزب أكثر من مرة على مدار عشر سنوات ، بدون أي أسباب مقنعة ، بينما منحت الحكومة ترخيصا بحزب للحاج أحمد الصباحي وبعض الشباب الذين لا يملكون أي رصيد سياسي أو تجربة أو قيمة رمزية على الإطلاق ، وذلك لأن النظام السياسي المصري يبحث عن ديكور ديمقراطي فقط لا غير ، ولو كانت هناك قوة سياسية إسلامية مصرية أكثر انفتاحا وحداثة من حزب المحافظين البريطاني نفسه ، فلن يسمح لها بالوجود في الخريطة الحزبية في مصر ، وذلك ببساطة شديدة لأن المسألة لا تتعلق بحداثة الحزب أو ظلاميته أو انفتاحه أو انغلاقه وإنما تتعلق بقدرة هذا الحزب على التأثير الحاسم في تشكيل الخريطة السياسية في مصر ، الحزب الوطني الحاكم ترهل بالدرجة التي لا تخطئها عين ، وفشل في الانتخابات الماضية وما قبلها بصورة مزرية ، ورغم التدخلات الرسمية والدعم الأمني إلا أنه لم يفز بأكثر من قرابة 37% وهذا يعني أن أي قوة سياسية تمتلك التواصل الفعال مع الشعب تستطيع بسهولة إزاحة الحزب الوطني عن الحكم ديمقراطيا ، كما أن أي تحالف جيد بين مجموعة أحزاب تستطيع بسهولة تشكيل حكومة ائتلافية بديلة ، وهذه الصورة واضحة تماما في رؤوس كثيرة في مصر ، ولذلك كان الرفض الكامل لأي حزب إسلامي أو محافظ ، بل حتى لو كان حزبا يساريا أو ليبراليا ويخشى أن يحقق اختراقا شعبيا يعيد به تشكيل الخريطة السياسية فسوف يرفض أو يتم تدميره بأي سبيل ، والخلاصة ، أن تجربة العدالة والتنمية غير قابلة للتحقق في مصر لسبب واحد ووحيد ، وهو انعدام وجود المشروع الديمقراطي في مصر |
Friday, July 27, 2007
الهلع من التجربة التركي
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
No comments:
Post a Comment