د. محمد أبو الغار يقول: كفاية.. حرام ـــ عن العربي الناصري 19/2
الدولة لا ترحم و لا تسيب رحمة ربنا تنزل!
قررت الدولة إحالة مجموعة من قيادات الإخوان المسلمين على رأسهم النائب الثانى للمرشد العام إلى محكمة عسكرية بتهمة يقال على ما يبدو إنها غسيل أموال مع مصادرة أموالهم، وضعهم تحت الحراسة ويأتى هذا القرار فى الوقت التى تطرح فيه الدولة مشروعاً لتغيير الدستور بدعوى زيادة مساحة الديمقراطية و فتح الفرصة السياسية أمام الجميع. صحيح أنه لا أحد يصدق أنه سوف تحدث انفراجة ديمقراطية، بل بالعكس يشعر الجميع بأن ما هو قادم أسوأ. كيف يصدق أحد أن هناك ديمقراطية فى وجود محاكم عسكرية؟ هل مصادرة الأموال ووضع الحراسة على أموال الإخوان المسلمين يطمئن المستثمرين أو أصحاب رؤوس الأموال فى دولة تدعى الانفتاح الاقتصادى و تدعو العالم للاستثمار فى مصر و تدعو المصريين لاستثمار أموالهم داخل الوطن؟ من يضمن أن أى معارض آخر من أى اتجاه سياسى لن توضع أمواله تحت الحراسة؟ و من يضمن أن أموال مواطن من دولة أخرى لن توضع تحت الحراسة لأن هناك خلافا سياسيا مع هذه الدولة؟ ما حدث مع الاخوان المسلمين لن يحل المشكلة بل سوف يزيدها تعقيداً. هل سوف يضعف ذلك الإخوان المسلمين؟ بالتأكيد لا، بل سوف يزيد التعاطف معهم وسوف ينحاز الشعب لهم أكثر و أكثر. ربما لا يتذكر حكام مصر الوضع بعد اغتيال الرئيس السادات، لقد كانت هناك جماعات اسلامية من الشباب مدربة وممولة من الخارج، هددت أمن مصر ومستقبلها و لم تكن لها شعبية على الإطلاق بل بالعكس كانوا مكروهين من الجميع فقراء و أغنياء من اليمين و اليسار، و كان الحل أمنياً بالجانب الأكبر وسياسياً بالجانب الأصغر لأن الجميع شعر بخطورة هذه الجماعات المسلحة التى اغتالت الرئيس و قتلت العشرات من الأبرياء، و كان الشعب بأكمله وراء التخلص من هذا الخطر العظيم. لم يكن فى مصر آنذاك تيار اسلامى قوى و لا إخوان مسلمون لهم أنصارهم فى كل قرية و شارع، و كان الخطاب فى الشارع المصرى و فى التليفزيون و الصحافة مختلفاً تماماً عن الوضع الحالى. خلال ربع قرن لم يتمكن حزب الرئيس من كسب أى شعبية و لو حتى طفيفة و لكنه اكتسب كراهية شديدة سببها الأكبر هو الفساد الرهيب فى هذا الحزب و فى نفس الوقت لم تسمح الدولة بنمو تيار ليبرالى أو يسارى أو أى تيار آخر ممكن أن يجذب الشباب، و خلال هذا الربع قرن أصبح الإخوان فى كل مكان و يزدادون كل يوم، وغيروا خطابهم السياسى، فلم يعد العنف و القتل جزءاً من هذا الخطاب، بل أصبح الجيل الجديد من قيادات الإخوان يتحدثون بلغة لم نعرفها عنهم من قبل. صحيح أن الكثيرين و أنا من بينهم عندهم رعب من حكم إخوانى يقود إلى دولة دينية تعود بنا إلى القرن الخامس عشر، إلا أنه لا يوجد أى دليل على قيام الإخوان بالتحضير لأى أعمال عنف، و هذا هو السبب الرئيسى فى التحويل لمحكمة عسكرية لأن القاضى الطبيعى لن يجد أدلة إدانة يحكم بناءً عليها. لن تقهر الدولة الإخوان إلا بمنافستهم فى الشارع على المدى الطويل و الدولة الفاسدة بحزبها المهلهل الانتهازى غير قادرة على ذلك و هى لا تترك من هو قادر على ذلك يتقدم الصفوف. و كما يقولون الدولة لا ترحم و لا تسيب رحمة ربنا تنزل. جامعة المنصورة كتب أحد أساتذة جامعة المنصورة مقالاً لإحدى الصحف فيه انتقاد لسياسة الجامعة عندما أوقفت المحاضرات و أذاعت مباراة الأهلى فى اليابان، و قد فوجئ الجميع بأن رئيس الجامعة د. مجدى أبو ريان قد حول الأستاذ إلى التحقيق و يقولون فى جامعة المنصورة أإه طلب صراحة من الأساتذة عدم الكتابة فى الصحف إلا بعد موافقته. و قد اجتمع مجلس الكلية و طالب الأستاذ بالاعتذار عن رأيه. و قد يكون رأى رئيس الجامعة صواباً بأن يقوم بالترفيه عن الطلبة بمشاهدة مباراة كرة قدم فى وقت الدراسة و قد يكون رأى الأستاذ صاحب المقالة صواباً لأن وقت المحاضرات يجب أن يكون للتعليم، و هذه أمور خلافية عادية، و لكن غير العادى هو أن يتخيل رئيس الجامعة أنه ضابط بوليس و أن الأساتذة من رعاياه و يطلب منهم أن يأخذوا رأيه أولاً. و أنا أقترح على د. مجدى أبو ريان الذى أدخل للجامعة مطرب أغنية أحبك يا حمار و الذى نظم رحلة للطلبة للولايات المتحدة أدت إلى هروب البعض و القبض عليهم، أرجو منه أن يقرأ بروية و على أقل من مهله بنود الدستور المصرى التى تسمح للأستاذ بالكتابة حسبما يشاء و له فقط حق الرد. و أرجو أن يقرأ قانون الجامعة و أن يذاكر بهدوء مجموعة المعاهدات و المواثيق الدولية التى وقعتها مصر بخصوص الجامعة و منها ثلاثة فى عهد الرئيس مبارك تنص على الحرية الأكاديمية، و إذا كانت هناك صعوبة عند رئيس الجامعة فى فهم هذه المواثيق فنحن فى جماعة 9 مارس مستعدون لإعطاء بعض المحاضرات عن الحريات الأكاديمية للدكتور مجدى أبو ريان و أمثاله من رؤساء الجامعات. جامعة حلوان منذ أكثر من عامين تقدم أحد الأساتذة بكلية علوم حلوان بشكوى بأن د. يحيى القزاز قد اعتدى عليه فى أثناء انعقاد مجلس القسم، و قد اجتمع مجلس القسم رسمياً و كتب فى صلب قراره أن الدكتور يحيى القزاز لم يعتد على زميله. و فجأة قرر د. عبد الحى عبيد إحالة د. يحيى القزاز إلى مجلس تأديب بخصوص هذه الشكوى التى يعلم الجميع و أولهم عبد الحى عبيد أنها لم تحدث، خاصة أنه منذ أكثر من سنتين اجتمع قسم الجيولوجيا فى مكتب رئيس الجامعة وحدث تصاف بين الجميع بحضور رئيس الجامعة. و تصدى للدفاع عن د. القزاز فى مجلس التأديب الدكتور عاطف البنا و الدكتور صلاح صادق و الدكتور حسام عيسى و عدد من المحامين المحترمين العظام الذين حضروا جميعاً متطوعين للدفاع عن الحق ضد الظلم الواضح. ماذا حدث فجأة ليقدم الدكتور يحيى القزاز لمجلس تأديب؟ يقول البعض إن الأمن الذى يعلم الجميع أن عبد الحى عبيد يأتمر بأمره قد طلب منه ذلك عقاباً على مواقف د. القزاز المعارضة، و لو كان هذا صحيحاً لكنت أتوقع من عبد الحى عبيد ألا ينصاع للأمن لأن الظلم الشديد فى هذه الأوقات له مخاطره. ولكن البعض قال لى إن السبب هو أن عبد الحى عبيد سوف يخرج على المعاش فى هذا العام الدراسى و هو يرغب فى وظيفة وزير أو محافظ أو أى حاجة فى أى مكان! و لذا فهو يريد أن يظهر بأنه يحافظ على الدولة أكثر من الدولة نفسها. ومازلت أذكر برنامج العاشرة مساءً التليفزيونى فى قناة دريم منذ عام و فى حضور د. شريف عمر رئيس لجنة التعليم فى مجلس الشعب و عندى نسخة من التسجيل الذى قال فيه الدكتور عبد الحى أنه قام منذ فترة بإصدار كتاب به جميع الأبحاث العلمية المنشورة فى الخارج و الداخل و التى صدرت من جامعة حلوان، و قمت بتهنئة د. عبيد أثناء الحلقة التليفزيونية على مجهوده فى إحياء النشاط العلمى. و للأسف بحثت عن هذا الكتاب فعلمت من الزملاء بجامعة حلوان أنه كتاب فى خيال د. عبد الحى و لم يصدر أبداً. وأنا أستبعد و لا أصدق ما قاله أحد الزملاء بأن الدكتور عبد الحى قد تلقى الأوامر الصريحة من حضرة الرائد بتحويل القزاز لمجلس التأديب. و فى جميع الأحوال أرجو أن تنتصر الأكاديمية و ألا ينهى عبد الحى عبيد حياته المفروض أنها أكاديمية بفضيحة مدوية و أرجو أن يجد حلاً لهذه المشكلة التى صنعها بنفسه، و خاصة بعد أن تنحى نائب رئيس الجامعة من عضوية مجلس التأديب أثناء الجلسة الثانية لمجلس التأديب. التمييز ضد الأقباط فى الجامعة فى الوقت الذى ينوى فيه الرئيس إضافة مادة تخص المواطنة فى الدستور، تقوم دولة نفس الرئيس بالتمييز ضد الأقباط فى الجامعة. و بصرف النظر عن التمييز الذى لا يمكن إثباته فهناك حالة حديثة للمعيدة التى كلفت بكلية التربية الموسيقية و رفضت جامعة عين شمس تعيينها بعد تستلمها العمل بشهرين رغم تفوقها بدعوى أنها قبطية متعصبة و قابلها الوزير و اعترف بالخطأ ووعدها بالتعيين فى مكان آخر!؟ و أنا لا أفهم لماذا فى مكان آخر إذا كان هذا حقها. وهناك حالة الطبيبة ميرا الأولى فى تخصصها فى جامعة المنيا التى حرمت من التعيين بتمييز واضح ضدها. قل لى يا وزير التعليم و يا حزب يا وطنى أين حقوق المواطنة أم أن النية أن تكون المواطنة ديكورا للتجميل فقط؟ الأهرام و المصرى اليوم لقد تعودت منذ خمسين عاما و أنا لا أزال فى المدرسة أن أقرأ الأهرام كل يوم، و كنت كمعظم المصريين أعتز بهذه الجريدة العريقة التى تهتم بمصداقية أخبارها. و بمرور الوقت أصبحت أقرأ صحفاً يومية أخرى مثل الأخبار و الوفد. و كنت أذهب إلى مكتبة كوبنهاجن فى السبعينيات أثناء بعثتى العلمية لقراءة الأهرام فى المكتبة حيث كانت تأتى متأخرة بضعة أيام. و كانت الأهرام أول صحيفة مصرية يكون لها موقع إلكترونى فكنت أقرأها على النت أثناء سفرى لمتابعة أخبار الوطن. و منذ ظهور صحف المعارضة الأسبوعية و صحيفة المصرى اليوم المستقلة أصبح الموقف مختلفاً تماماً. حين تقرأ الأهرام و المصرى اليوم تشعر أنهما صحيفتان من بلدين مختلفين، فالأخبار هنا غير هناك و التعليقات هنا غير هناك، و أصبح واضحاً أن المصرى اليوم تعبر عن نبض المصريين بينما الأهرام تعبر عن نبض المسؤولين. مدرسة المساعى المشكورة و الرئيس مبارك طلب الرئيس أثناء زيارته لمسقط رأسه فى شبين الكوم زيارة مدرسة المساعى المشكورة التى كان فيها طالباً أثناء دراسته الثانوية، و هى مدرسة عريقة أقامها المجتمع المدنى المصرى المتحضر فى أوائل القرن العشرين. و طبعاً لم تكن المدرسة مستعدة للزيارة لأنه قد تم تسليمها إلى الأمن قبل الزيارة و لأنها لم تكن جاهزة بالورود و الأشجار أمام الرئيس فى زياراته من مكان إلى آخر و كانت هناك بعض ألواح الخشب فى الحوش لإصلاحات تمت فى إجازة نصف العام. و كالعادة قررت الدولة معاقبة بعض المسؤولين فى وزارة التعليم على مظهر المدرسة، و هذا ظلم واضح لأن المدرسة ممتازة و أحسن بكثير من مئات المدارس الثانوية فى مصر. و أنا أرجو أن لا يخرج الرئيس عن البرنامج المحدد مسبقاً فى زياراته المقبلة حرصاً على أن يرى مصر جميلة و حلوة و مليئة بالورود و كله يكون تمام.. و حرصاً أيضاً على عدم تعريض الناس لأذى بدون داع.
No comments:
Post a Comment