بقلم : أحمد حسين ـــ الأهرام 22/2
ثمة تساؤلات عدة حول جواز محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية في الوقت الذي تتجه الدولة فيه إلي تعديلات دستورية تعيد وقوف المواطن أمام قاضية الطبيعي. وفي الحقيقة انها ليست المرة الأولي التي يتهم فيها إحالة قضايا لمتهمين مدنيين لنظرها أمام القضاء العسكري.ففي التسعينيات عندما اندلع الارهاب في مصر صدر قرار الحاكم العسكري باحالة المتهمين في قضايا الارهاب الي المحاكم العسكرية مستهدفا تحقيق الردع وسرعة الفصل حفاظا علي امن مصر من الإرهاب الأسود الذي اجتاح البلاد طوال عامين.ووقتها طعن المتهمون في قرار الإحالة أمام مجلس الدولة الذي قضي بأحقيتهم في المحاكمة أمام قاضيهم الطبيعي( المحاكم العادية). ولقد تصدت المحكمة الدستورية العليا لهذا الأمر وهي بصدد قضية رفعت أمامها لتفسير عبارة وردت بالمادة السادسة من قانون الاحكام العسكرية, وقالت: ان رئيس الجمهورية إذ يقدر احالة جريمة او جرائم بذواتها بعد وقوعها علي ضوء ظروفها ودرجة الخطورة المتصلة بها سواء بالنظر الي موضوعها أو مرتكبيها, فانه بذلك يقدر كل حالة علي حدة بما يناسبها ويقرر الإحالةاو يغض بصره عنها علي ضوء مقاييس موضوعية يفترض فيها استهداف المصلحة العامة في درجاتها العليا بما لا يناقض حقوق المواطنين.. وأصدرت حكمها ان من حق رئيس الجمهورية متي اعلنت حالة الطوارئ ان يحيل الي القضاء العسكري أيا من الجرائم التي يعاقب عليها قانون العقوبات أو اي قانون آخر. ومن المعروف ان الأحكام الصادرة في الدعاوي الدستورية لها حجية مطلقة وينصرف أثرها الي الكافة, كما تلزم بها جميع جهات القضاء سواء انتهت الأحكام الي عدم دستورية النص التشريعي المطعون فيه او الي دستوريته او رفض الدعوي.والأصل في حالة الطوارئ ان اعلانها لا يكون الا لمواجهة نذر خطيرة تتهدد معها المصالح القومية وقد تنال من استقرار الدولة وتعرض امنها أو سلامتها لمخاطر داهمة, وان حالة الطوارئ بالنظر الي حدتها وطبيعة المخاطر المرتبطة بها لا تلائمها احيانا التدابير التي تتخذها الدولة في الأوضاع المعتادة باعتبار ان طبيعتها ومداها وما تفرض من التدابير الاسثنائية لا تنحصر بالضرورة فيما يكون ضروريا منها لمواجهة الجرائم التي تهدد أمن الدولة الداخلي أو الخارجي, بل تتناول في عديد من صورها وتطبيقاتها جرائم اخري تخرج عن هذا النطاق.ثم إن مجابهة المخاطر التي تعترض السلامة القومية ما كان منها حالا أو وشيكا تمثل إطارا للمصلحة الاجتماعية التي حرص عليها المشرع في قانون الأحكام العسكرية في تخويل رئيس الجمهورية متي اعلنت حالة الطوارئ ان يحيل الي القضاء العسكري ايا من الجرائم. والقضاء العسكري ليس قضاء استثنائيا ـ كما يدعون ـ لكنه نظام قضائي استقر في مصر منذ سنوات, وهو جزء من النظام القضائي في الدولة بنص الدستور لم يبتدعه المشرع المصري بل اقتبس احكامه من أعرق وأحدث التشريعات في العالم, وفي مقدمتها التشريع الفرنسي..والمحكمة العسكرية تطبق قانون العقوبات شأنها شأن المحاكم الجنائية العامة, وتتبع في اجراءاتها ذات القواعد التي ينص عليها قانون الإجراءات الجنائية بصفة عامة, وأحكامها لها حجية شأنها شأن الأحكام التي تصدر عن محاكم الجنايات وتنفذ بذات الأسلوب المنصوص عليه في القانون العام.كما ان جميع الضمانات التي كفلها الدستور والقانون للمتهمين أمام محاكم الجنايات مكفولة أمام القضاء العسكري, والإخلال بحق من حقوق الدفاع التي قررها القانون للمتهم يستوجب بطلان الحكم الصادر من المحكمة العسكرية وإلغاءه شأنه شأن الاحكام الصادرة من المحاكم الجنائية الأخري.. كما ان المحكمة العسكرية تنظر القضايا في جلسات علنية وتندب للمتهم جنائيا محاميا للدفاع عنه ان لم يكن له محام موكل, وتتيح له كافة الامكانات الكفيلة بتمكينه من اداء واجبه علي الوجه الذي رسمه الدستور والقانون,ولا حجر علي حرية المتهم ومحاميه في ابداء او طلب كل ما يراه محققا لمصلحة المتهم.والحكم الذي يصدر من المحكمة العسكرية لا يصبح باتا إلا باستنفاد كافة طرق الطعن التي كفلها القانون للمتهم وهي طرق مشابهة تماما لطرق الطعن التي تخضع لها الأحكام الصادرة من محاكم الجنايات.كما أن السرعة التي تتسم بها إجراءات المحاكم العسكرية ليست من قبيل التسرع, بل هي سرعة محسوبة تتسم بالدقة والعمق, يكفلها تفرغ هذه المحاكم للقضايا التي تنظرها متخطية بذلك ظاهرة التأجيلات الطويلة التي تحتمها ظروف العمل المثقل بآلاف القضايا التي تنظرها محاكم الجنايات العادية.
ثمة تساؤلات عدة حول جواز محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية في الوقت الذي تتجه الدولة فيه إلي تعديلات دستورية تعيد وقوف المواطن أمام قاضية الطبيعي. وفي الحقيقة انها ليست المرة الأولي التي يتهم فيها إحالة قضايا لمتهمين مدنيين لنظرها أمام القضاء العسكري.ففي التسعينيات عندما اندلع الارهاب في مصر صدر قرار الحاكم العسكري باحالة المتهمين في قضايا الارهاب الي المحاكم العسكرية مستهدفا تحقيق الردع وسرعة الفصل حفاظا علي امن مصر من الإرهاب الأسود الذي اجتاح البلاد طوال عامين.ووقتها طعن المتهمون في قرار الإحالة أمام مجلس الدولة الذي قضي بأحقيتهم في المحاكمة أمام قاضيهم الطبيعي( المحاكم العادية). ولقد تصدت المحكمة الدستورية العليا لهذا الأمر وهي بصدد قضية رفعت أمامها لتفسير عبارة وردت بالمادة السادسة من قانون الاحكام العسكرية, وقالت: ان رئيس الجمهورية إذ يقدر احالة جريمة او جرائم بذواتها بعد وقوعها علي ضوء ظروفها ودرجة الخطورة المتصلة بها سواء بالنظر الي موضوعها أو مرتكبيها, فانه بذلك يقدر كل حالة علي حدة بما يناسبها ويقرر الإحالةاو يغض بصره عنها علي ضوء مقاييس موضوعية يفترض فيها استهداف المصلحة العامة في درجاتها العليا بما لا يناقض حقوق المواطنين.. وأصدرت حكمها ان من حق رئيس الجمهورية متي اعلنت حالة الطوارئ ان يحيل الي القضاء العسكري أيا من الجرائم التي يعاقب عليها قانون العقوبات أو اي قانون آخر. ومن المعروف ان الأحكام الصادرة في الدعاوي الدستورية لها حجية مطلقة وينصرف أثرها الي الكافة, كما تلزم بها جميع جهات القضاء سواء انتهت الأحكام الي عدم دستورية النص التشريعي المطعون فيه او الي دستوريته او رفض الدعوي.والأصل في حالة الطوارئ ان اعلانها لا يكون الا لمواجهة نذر خطيرة تتهدد معها المصالح القومية وقد تنال من استقرار الدولة وتعرض امنها أو سلامتها لمخاطر داهمة, وان حالة الطوارئ بالنظر الي حدتها وطبيعة المخاطر المرتبطة بها لا تلائمها احيانا التدابير التي تتخذها الدولة في الأوضاع المعتادة باعتبار ان طبيعتها ومداها وما تفرض من التدابير الاسثنائية لا تنحصر بالضرورة فيما يكون ضروريا منها لمواجهة الجرائم التي تهدد أمن الدولة الداخلي أو الخارجي, بل تتناول في عديد من صورها وتطبيقاتها جرائم اخري تخرج عن هذا النطاق.ثم إن مجابهة المخاطر التي تعترض السلامة القومية ما كان منها حالا أو وشيكا تمثل إطارا للمصلحة الاجتماعية التي حرص عليها المشرع في قانون الأحكام العسكرية في تخويل رئيس الجمهورية متي اعلنت حالة الطوارئ ان يحيل الي القضاء العسكري ايا من الجرائم. والقضاء العسكري ليس قضاء استثنائيا ـ كما يدعون ـ لكنه نظام قضائي استقر في مصر منذ سنوات, وهو جزء من النظام القضائي في الدولة بنص الدستور لم يبتدعه المشرع المصري بل اقتبس احكامه من أعرق وأحدث التشريعات في العالم, وفي مقدمتها التشريع الفرنسي..والمحكمة العسكرية تطبق قانون العقوبات شأنها شأن المحاكم الجنائية العامة, وتتبع في اجراءاتها ذات القواعد التي ينص عليها قانون الإجراءات الجنائية بصفة عامة, وأحكامها لها حجية شأنها شأن الأحكام التي تصدر عن محاكم الجنايات وتنفذ بذات الأسلوب المنصوص عليه في القانون العام.كما ان جميع الضمانات التي كفلها الدستور والقانون للمتهمين أمام محاكم الجنايات مكفولة أمام القضاء العسكري, والإخلال بحق من حقوق الدفاع التي قررها القانون للمتهم يستوجب بطلان الحكم الصادر من المحكمة العسكرية وإلغاءه شأنه شأن الاحكام الصادرة من المحاكم الجنائية الأخري.. كما ان المحكمة العسكرية تنظر القضايا في جلسات علنية وتندب للمتهم جنائيا محاميا للدفاع عنه ان لم يكن له محام موكل, وتتيح له كافة الامكانات الكفيلة بتمكينه من اداء واجبه علي الوجه الذي رسمه الدستور والقانون,ولا حجر علي حرية المتهم ومحاميه في ابداء او طلب كل ما يراه محققا لمصلحة المتهم.والحكم الذي يصدر من المحكمة العسكرية لا يصبح باتا إلا باستنفاد كافة طرق الطعن التي كفلها القانون للمتهم وهي طرق مشابهة تماما لطرق الطعن التي تخضع لها الأحكام الصادرة من محاكم الجنايات.كما أن السرعة التي تتسم بها إجراءات المحاكم العسكرية ليست من قبيل التسرع, بل هي سرعة محسوبة تتسم بالدقة والعمق, يكفلها تفرغ هذه المحاكم للقضايا التي تنظرها متخطية بذلك ظاهرة التأجيلات الطويلة التي تحتمها ظروف العمل المثقل بآلاف القضايا التي تنظرها محاكم الجنايات العادية.
No comments:
Post a Comment