Tuesday, February 20, 2007

من الصحـافة المصرية ... نعمل إيه بس ؟؟


العريان : مهدي عاكف سيصبح مرشدا سابقا ..الطيب صالح : يجب أن تعرف مصر هي زعيمة على مين ؟.أستاذ بجامعة حلوان يقول : "مفيش ربنا" ...ويقول أيضا ...ديانتي هي الأمريكية وأتمنى أن أكون عبدا لأمريكا ...ورئيس الجامعة يقول : لا نملك ما نفعله حيال هذا الموقف
كتب:طارق قاسم : بتاريخ 19 - 2 - 2007
تناولت صحف مصر الصادرة الأثنين هذه الموضوعات :في جامعة حلوان وفي الوقت الذي تشن فيه إدارة الجامعة حربا شعواء ضد الطالبات المنتقبات والطلاب الملتزمين دينيا قام أستاذ بكلية التجارة بتوجيه إهانات بالغة للإسلام وللطلاب عندما قال : مفيش ربنا وذلك بعد أن نبه الطلاب لوجود خطأ في كتابته لفظ الجلالة ..فما كان من الأستاذ إلا أنه صرخ في الطلاب عندما سألوه عن ديانته :ديانتي هي الأمريكية الجديدة وأتمنى أن أكون عبد لأمريكا ...وتمادى الأستاذ وكتب على السبورة : باسم أمريكا العظمى بدلا من البسملة ...ولم يتوقف عند ذلك الحد بل إنه حاول الاعتداء على طالبة أثناء خروجه ولم يمنعه عنها سوى تدخل صاحب كشك بجوار الجامعة حمى الطالبة المسكينة...الغريب (ليس غريبا في الواقع بل هو المتوقع والطبيعي في بلادنا) أن حرس الجامعة فرض حماية مكثفة على الدكتور ..والأغرب (لا سقف للغرابة في مصر كما تلاحظ ) أن رئيس جامعة حلوان الذي يقود المعركة ضد الطالبات المنتقبات علق على موضوع الدكتور على طريقة وزارة الداخلية عندما تلصق كل جريمة كبرى بمختل عقليا قال رئيس الجامعة : ليس على المريض حرج ولا نملك ما نفعله حيال هذا الموقف وذلك في إشارة للإشاعة التي تقول أن هذا الدكتور مضطرب نفسيا ومحتجز بمصحة نفسية .ومن صحف القاهرة الصادرة الأثنين نعرف أيضا أن وكيل وزارة الصناعة صرح أن جميع أرقام الإحصائيات الرسمية التي تتحدث عن التجارة الخارجية المصرية (مضروبة) وقال أن هذه الأراقم تمثل اجتهادا فرديا من موظفي مكتب التمثيل التجاري ..وحول آخر أخبار التعليم المنهار في بلدنا تقول صحف القاهرة أن تعليمنا لم يصبح فقط متدهورا بل إنه أصبح بذيئا ...فقد قامت مديرة مدرسة في قليوب بإجبار تلميذة بالصف الخامس الابتدائي على خلع بنطلونها أمام زملائها بحجة أنه مخالف للزى المدرسي ليس هذا فحسب بل قامت الست المديرة بحبس الطالبة في حجرة السكرتارية لإجبارها على توقيع اعتراف بأن هذه الواقعة لم تحدث وذلك تكذيب للشكوى التي تقدم بها والد الطفلة للإدارة التعليمية .*حوار:- في جريدة الكرامة حاور محمد سعد الدكتور عصام العريان القيادي البارز بجماعة الإخوان المسلمين انصب الحوار حول ما تردد بشأن وجود خلافات داخل مكتب الإرشاد ووجود اتجاه لعزل المرشد الحالي مهدي عاكف ومع فقرات من الحوار: (* ما هي حقيقة ما يتردد عن انقلاب صامت داخل مكتب الإرشاد بهدف إقصاء المرشد الحالي؟ـ أولا الإخوان يفخرون أن أحد أسباب قوتهم هي وحدتهم فكيف يفرط الإخوان تحت أي ظرف من الظروف في هذه الوحدة وف هذا التمسك ، ثانيا وارد أن يكون هناك في الظروف العادية اختلاف يؤدى إلى نوع من أنواع المراجعات والحساب لكنفي الظروف الاستثنائية تكون الأولوية دائما لوحدة الصف فالإخوان منذ نشأتهم وهم يعتمدون نظاما إداريا يجعل القرارات لا تتخذ إلا بعد حوار ونقاش ويصوت عليها وبالتالي فالجميع يحترم هذه القرارات حتى لو اختلف معها.* بناء على ما ذكرت هل يوجد تداول للسلطة داخل جماعة الإخوان المسلمين ؟ـ لقد تمت آخر انتخابات بالجماعة عام 1995 اعتقل بسببها 82 عضوا بالجماعة وأحيلت إلى المحاكمة العسكرية مجموعة أخرى مما دفعنا إلى اتخاذ الحيطة والحذر الشديدين في أي إجراءات خاصة بالشأن الداخلي للجماعة فالانتخابات لم تتوقف والدليل أن مكتب الإرشاد قد تم تجديد أكثر من 50.% من أعضائه في العشر سنوات الأخيرة.* وماذا عن منصب المرشد العام ؟ـ هناك لائحة تنظيمية تحدد فترة تولى المرشد لهذا المنصب ولا يجوز له التمديد بعد انقضاء مدتين في هذا المنصب والمرشد محمد مهدي عاكف صرح أكثر من مرة أنه لن يتولى أكثر من مدتين وإن أطال الله في أعمارنا سيكون للإخوان مرشد سابق.* هل ترى أن التعديلات الدستورية التي اقترحها الرئيس مبارك محاولة لإقصاء الإخوان من على الساحة السياسية ؟ـ إقصاء الإخوان المسلين هو أحد أهداف التعديلات لكن الهدف الرئيسي في تقديري هو تكريس بقاء الوضع كما هو عليه واستمرار تحالف الاستبداد والفساد ، هذه التعديلات هي عبارة عن إملاءات فرضتها مؤسسة الرئاسة وستقرها الأغلبية الميكانيكية في البرلمان . هذه التعديلات لا تستهدف الإخوان فقط بل ستمنع الجميع ولن تبقي إلا على من يختاره النظام ليلعب دور المنافس.* ما حقيقة ما نشر في أهرام الجمعة الماضي ان أجهزة الأمن أحبطت مخططا لجماعة الإخوان للتظاهر بملابس شبه عسكرية ؟ـ هذا كلام فارغ وتغطية فاشلة لحملة القمع التي قام بها النظام ضد الإخوان ، كما انه اختراق أمني لبعض المؤسسات الصحفية ، فمندوبو تلك الصحف ترسل لهم التقارير من الأمن فيقومون بنشرها كما هي دون أن يحققوها.* هل هناك علاقة بين ما يجري للإخوان من خنق سياسي وإعلامي ومالي وملف التوريث ؟ـ أنا ضد أن نزج بالتوريث في كل شيء لكن الهدف الرئيسي وراء ما يحدث معنا الآن هو تكريس بقاء الأوضاع كما هي عليه وإبعاد كل المنافسين.* بعد كل ما يتعرض له الإخوان هل مازلتم متمسكين بشعار الإصلاح ؟ـ البديل عن الإصلاح هو انفجار شعب أو تغيير مفاجئ أو ثورة ونحن لا نرضى بهذه الأمور لأنها ستؤدى في النهاية إلى مجهول لا يعرفه أحد.وعلى هذا فعلينا العمل على ثلاثة محاور: الأول أن نصمد كإخوان مسلمين ونتناسى ما يحدث ، الثاني أن تدرك النخب السياسية أنها أكلت يوم أكل الثور الأبيض وانه إذا كان بعضها يهلل الآن لما يحدث لنا فسيأتي الدور عليه حتما إلا إذا كان عقد صفقة مع النظام.الثالث أن يقتنع الشعب أن هذه النخب قادرة على أن تقود مسيرة الإصلاح فالإصلاح لن يتم إلا إذا اشترك الشعب ، والتاريخ يؤكد ان كل الشعوب دفعت ثمنا في سبيل الإصلاح ولا جدوى من هذا الإصلاح في ظل نفس الوجوه ونفس السياسات بمعنى أن الإصلاح هنا هو التغيير ولكن عبر آلية محددة فلا يأتي عبر انفجار شعبي أو ثورة أو انقلاب.)*مصر زعيمة على مين ؟ضمن ملف أعدته جريدة الكرامة عن حياة السودانيين في مصر ؟ تحدث للكرامة الأديب السوداني المعروف (الطيب الصالح) بذهبية فنان رصد صالح التوصيف الإنساني للعلاقات المصرية السودانية بعيدا عن مجاملات السياسية وكذبها صالح نصح مصر حتى تواصل زعامتها (؟) للعالم العربي بأن تعرف على من تتزعم نقرأ: (إننا كشعبين أخوان ، إن لم نقل شقيقين نعيش في وادي النيل ، بيننا أوارل يرجع عمرها إلى أكثر من خمسة آلاف سنة ، يفترض أننا نعرف بعضنا أكثر من ذلك إلا أن السودانيين دائما ما يشتكون أنهم يعرفون عن مصر أكثر ما يعرف المصريون عنهم ، وأظن أن ذلك صحيح فنحن درسنا تاريخ مصر في مدارسنا، ونعرف أدباء وشعراء وسياسيين وأحزابا حتى نجوم كرة القدم أما مصر فلأنها المصب ، وهى البلد التي يأتيها الجميع فكما جاء في القرآن "اهبطوا مصرا" فهي لم تتعود أن تذهب للأشياء.لكن القضية اليوم اختلفت ، وأصبحت قضية مصائر بشرية حيث إن مصيركم ومستقبلكم مرتبط بنا ولا مخرج لكم إلا نحن ، ولا مخرج لنا إلا أنتم ، أي أن هذا قدر وجودي كما نرى ويجب أن نقبل به ونسعى أن يفهم بعضنا بعضا أكثر لكي نكون أخوين شقيقين بالفعل.والوسائل إلى ذلك معروفة ، والغريب في الأمر أنه في أيام الاستعمار كانت الحدود بيننا مفتوحة ، لذلك هاجر الكثير من المصريين إلى السودان وعلى امتداد وادي النيل من وادي "جلامن" إلى وادي "الجزيرة" بجنوب الخرطوم وما وراءه جاءت جاليات كبيرة من المصريين واستقرت وتزوجوا بسودانيات وأصبحوا سودانيين لكن بعد الاستقلال ، وبخاصة بعد الثورة المصرية أغلقت الحدود، واعتبر السودان بلدا ، وأصبح هناك العديد من المشاكل في دخول السودانيين إلى مصر وبخاصة عندما تحدث المشاكل بين الحكومات ، فالحكومة السودانية الحالية ليست جيدة وضعت أشياء كثيرة سيئة ، وبالتالي يكون رد فعل الحكومة المصرية ضد الشعب السوداني.فعندما تحدث مشاكل بين المؤسسات الرسمية السودانية والمصرية تقوم الحكومة المصرية على الفور بالتشديد على دخول السودانيين إلى مصر وهذا شيء سيء، فيجب أن نعمل كشركاء في المصير لا كأجانب.صحيح أن مصر هي الأخت الكبرى والزعيمة ورائدة ، ولكن من مقومات الزعامة أن يعرف الزعيم من هو متزعم عليهم يعرف ما يحدث في عمان ، والسعودية والسودان.ولكن بعض المسئولين المصريين يعتقدون أن الزعامة ، أن يجلسوا في القاهرة ويقولون إن مصر زعيمة ، إلا أننا جميعا في النهاية نحبها ولنكن لها كل التقدير فأنا لدى الكثير من الأصدقاء المصريين الذين أعتز بصداقتهم.)- هالة سرحان والمودليز : مصر تعيش واقعا إنسانيا وأخلاقيا بالغ البشاعة ..لا جديد في هذا الكلام وبما أن الكلام مهما طال وكثر ودبج تفلطح ولن يضيف جديدا فلاش أصدق من الوقائع وعلى خلفية أزمة هالة سرحان؟ أجرت جريدة المصري اليوم تحقيقا حول ظاهرة (بزنس الموديلز) والموديلز هم الفتيات والشباب اللاتي والذين احترفوا الظهور والعمل في الإعلانات وعلى خلفية البرامج التليفزيونية هذا العالم (الموديلز) ملئ بالتفاصيل المثيرة والمستفزة أجري التحقيق كل من هبة حسنين وشيماء البردي ودارين فرغلي ونقرأ فقرات منه : (مع احتياج برامج «التوك شو» إلي هذه النوعية من «الموديلز أو الكومبارس أو المجاميع»، انتشرت المكاتب المتخصصة في توريدها إلي البرامج، وتحول العشرات ممن كانوا يعملون «ريجيسير» سينمائي أو درامي، إلي متعهدي توريد هذه النوعية من الشباب والفتيات إلي برامج «التوك شو»، ولأن هذه البرامج تختلف من قناة إلي أخري، ومن حلقة إلي أخري، قام «المتعهدون» الجدد بتصنيف الشباب والفتيات إلي «فئات» وتجهيزهم ليكونوا رهن إشارة أوامر الشغل التي يتلقاها المتعهد يومياً.قبل عشر سنوات -كما يقول عدد من متعهدي هذه البرامج لـ«المصري اليوم»- كان العثور علي «الفئات» المطلوبة للبرامج، صعباً إلي حد كبير، لأن معظم الأسر المصرية كانت ترفض ظهور بناتها تحديداً في برامج قائمة علي التصفيق والرقص واستعراض مفاتن بعض الفتيات، وبعد فترة قصيرة لا تتجاوز العامين، بدأ الإقبال علي هذه البرامج يتزايد شهراً بعد شهر، وعاماً بعد عام، حتي أصبحت المكاتب تعاني من الإقبال الشديد للفتيات والشباب علي العمل بهذه الحرفة، خصوصاً أن العثور علي عمل آخر أصبح من المستحيلات بالنسبة لأبناء الطبقة المتوسطة وما دونها من طبقات.ويكشف هؤلاء المتعهدون -الذين طلبوا عدم ذكر أسمائهم- عن أنهم يعانون حالياً أشد المعاناة من الآباء والأمهات الذين يتوافدون علي المكاتب يومياً، ويلجأون إلي الإلحاح والاستعطاف لقبول أبنائهم أو فتياتهم، وإخراجهم في «طلبات» كثيفة، حتي يكفي ما يتقاضاه الواحد منهم من أموال احتياجات الأسرة، التي لم يعد لها مورد رزق آخر غير احتراف أحد أبنائها أو بناتها العمل في هذه البرامج.والقصة كما يرويها ضحاياها وأغلبهم من الخريجين وطلبة المعاهد والجامعات، تبدأ باتصالات هاتفية تطلبهم لحضور البرامج، وعندما يتوافدون علي مكتب «الريجيسير» يقوم بتوزيعهم وفق قائمة معروفة مسبقاً، تنص لوائحها -حسب تأكيد أصحاب المكاتب- علي التزام الشاب والفتاة بشروط المكتب، ومن بينها عدم الخروج من الاستديو إلا بعد انتهاء التصوير، وتشمل التعليمات أيضاً الشكل والملابس، فأغلب هذه المكاتب يوفر الملابس العارية لـ«الموديل» ولا يعطيه أجره، إلا بعد استعادتها بعد انتهاء التصوير، والمسألة تصبح أكثر سهولة عندما يتطلب البرنامج ضيوفاً محترمين.القائمة السرية تضم أيضاً تصنيفاً للقنوات، فالتليفزيون المصري مثلاً يطلب شباباً محترمين وفتيات مهذبات شكلاً وسلوكاً، الشروط نفسها تتكرر في قنوات دريم، دبي، mbc، والقنوات الدينية، وتنفرد قنوات روتانا بشكل خاص بالضيوف، يتلخص في الملابس العارية ومحترفي الرقص والشباب الذين تتراوح أعمارهم بين ١٨ و٣٠ عاماً، بينما تهتم قنوات ART بالحالات الاجتماعية، وهؤلاء لهم أسعار مختلفة، فدورهم هنا ليس التصفيق أو الرقص، ولكن اتقان «التمثيل» وحسب هذا يتحدد المقابل المادي.أحمد وريهام ويارا وسما وشادية وغيرهم، أسماء يمكن أن تكون مستعارة، لكن أصحابها شباب أدمنوا حضور البرامج، بعضهم لمجرد الفسحة، والخروج من «المود»، والظهور في التليفزيون، وأغلبهم احترف هذا الظهور كمهنة تدر عليه دخلاً بسيطاً يتناسب مع حجم ما يقدمه في هذه البرامج، وكلما زاد التنازل ارتفع المقابل المادي، بحيث يمكن أن يصل إلي ١٥٠ جنيهًا، وهو ما تتقاضاه «شادية» - ٢٨ عامًا - والتي دأبت علي حضور حلقات برنامج غنائي علي قناة «روتانا زمان» تعتمد فكرته علي مطرب وسط جمهور، وتتولي هي مهمة معينة لا تتعدي الرقص.تقول شادية: «كل ما أفعله هو الرقص، وبدل ما أرقص في كباريه، أرقص في برنامج دون بدلة رقص، وآخذ مبلغًا مناسبًا، كما أن المكتب يوفر لي الملابس أيضًا، وربما يأتي اليوم الذي يكتشفني فيه أحدهم، أو يوفر لي العمل في الإعلانات، وتضيف: بدأت هذا العمل منذ عام من خلال إحدي صديقاتي التي عرفتني الطريق، وبعدها أصبحت أعرف مواعيد التصوير وأروح لوحدي، صحيح أن ١٥٠ جنيهًا ليس هو المبلغ الذي سيحل كل مشكلاتي وينفق علي وعلي أسرتي، لكنه أرحم من مفيش، وأفضل من بهدلة الكازينوهات والملاهي الليلية.وتؤكد شادية أن هذا العمل ليس فيه أي مشكلة، فلا يجبرها أحد علي شيء، كما أن أغلب الشباب والفتيات «بيتخانقوا» علي هذه البرامج، وحسب قولها: روتانا أحسن حاجة والكاميرا بتركز علينا، أما بقية البرامج «فالشغل» فيها أقل، وبالطبع «الفلوس» أيضًا.)*مقالات: - في المصري اليوم كتب سليمان جودة عن ازدواجية الحياة السياسية المصرية ازدواجية هو التعبير الأكثر تأدبا من (كذب وزيف وضلال) الحياة السياسية المصرية ومالها شكل قناع ديمقراطي لكن المضمون دوما غائب نقرأ: (العملية الديمقراطية في مصر ، تتمتع بالشكل ، ولكنها تفتقد الكثير من المضمون.. فالمادة ٧٦ مثلا تقتضي وجود مرشحين للرئاسة ، في منافسة مرشح الحزب الوطني ، هذا هو الشكل الذي حدث بعد تعديلها الأول في فبراير ٢٠٠٥، وحتي بعد تعديلها الثاني ، الذي قال الرئيس يوم ٢٦ ديسمبر الماضي، إنه لا يمانع فيه.. ولكن أين المضمون؟ وهل يستطيع هؤلاء المرشحون أن ينافسوا مرشح الحزب الوطني ، علي قدم المساواة؟!مثال آخر، الحياة السياسية فيها أكثر من ٢٠ حزبا، في مواجهة الحزب الوطني، وهذا هو الشكل الذي يعطي صورة التعددية السياسية، كما يعرفها العالم.. ولكن ، هل في إمكان أي حزب من أحزاب المعارضة أن يحظي بنفس المزايا التي يحظي بها الحزب الحاكم؟ وهل يستطيع أن يتحرك بحرية في مخاطبة أنصاره ، ومؤيديه، بالدرجة نفسها المتاحة للحزب الوطني؟! هذا هو السؤال الذي يجيب عن المضمون!! مثال ثالث وأخير عن الدستور، الذي يجعل حق التقدم بتعديل مادة أو أكثر من مواده محصورا في طريقتين لا ثالث لهما: إما أن يتقدم رئيس الدولة أو يتقدم ثلث أعضاء مجلس الشعب، وليست هناك طريقة ثالثة!! ومنذ إقرار الدستور الحالي، في ١١ سبتمبر ١٩٧١ فإن ثلاثة تعديلات جرت عليه ، وكانت جميعها بمبادرة من رئيس الجمهورية: في مايو ١٩٨٠، وفبراير ٢٠٠٥، ثم في ديسمبر ٢٠٠٦، فهل هي مصادفة أن تكون التعديلات الثلاثة قادمة من رئيس الجمهورية وحده دون سواه؟! وهل هي مصادفة أن يظل ثلث الأعضاء- الذي أعطاه الدستور حق التقدم بتعديل مادة أو أكثر- معطلا من عام ٧١ إلي عام ٢٠٠٧ ؟! ليست مصادفة طبعا، ولها سبب رئيسي هو أن الحزب الوطني يصمم في كل انتخابات برلمانية، ويحرص علي أن يستحوذ علي أكثر من ثلثي أعضاء المجلس بنسبة كافية، وبما يجعل إمكانية تشكيل جبهة معارضة من ثلث أعضاء المجلس في هذا الاتجاه ، مسألة مستحيلة، فالأغلبية للحزب الوطني في البرلمان ليست أغلبية ٥٠% +١ ولكنها أغلبية تفوق الثلثين بكثير من أجل هدف محدد كما نري!!فما الحل ، إذا كان عدد أعضاء المعارضة والمستقلين في المجلس الحالي ، يصل إلي ١٢٠ عضوا تقريبا، في حين أن ثلث أعضاء المجلس يصل إلي ١٥٢ عضوا ، علي وجه التقريب؟!الحل هو أننا نراهن علي أن يستيقظ ضمير ٣٢ عضوا في المجلس، من أعضاء الحزب الوطني، وأن ينضموا إلي الـ١٢٠ عضوا، ثم يطالبون بتعديل ما يريده المصريون ، سواء كان المطلوب تعديله هو المادة ٧٧ أو غيرها أو حتي تغيير الدستور كله.. إن أي عضو مجلس عن الحزب الوطني مسؤول قطعا عن بيت وأسرة ، وعزوة ، ودائرة جاءت به، )- وفي المصري اليوم أيضا كتب الخبير الاستراتيجي د. ضياء رشوان في سياق مقارب لكلام سليمان جودة.. نقرأ: (اعتاد الحزب الوطني الديمقراطي وحكوماته المتعاقبة علي نقد المعارضين لسياساته وإجراءاته في مختلف المجالات بأنهم يتوقفون عند حد المعارضة العامة دون تقديم بدائل محددة وتفصيلية لما يطرحه. وعلي الرغم من التكرار المستمر لتلك المقولة، فالحقيقة كانت دوماً مخالفة لها، فأغلب قوي المعارضة ومختلف فئات المثقفين المصريين كانوا يقدمون بالإضافة للتصورات العامة لحل المشكلات والقضايا الكبري التي تواجه مصر والمصريين بدائل تفصيلية ومحددة لكثير منها في حدود ما يتوافر لهم من معلومات ومعطيات دقيقة تمكنهم من بلورة تلك البدائل. وقد مد الحزب الحاكم نفس مقولته الخالية من المضمون والعارية من الحقيقة إلي التشريعات القانونية والدستورية التي تنظم مختلف جوانب الحياة المصرية، برغم أن الوقائع التي تثبتها مضابط المجالس النيابية المتعاقبة والصحف والمجلات السيارة والكتب والأبحاث المنشورة خلال ربع القرن الأخير تثبت عكس ذلك تماماً حيث تقدمت قوي المعارضة والكتاب والسياسيون بعدد هائل من المقترحات التشريعية التي رفضت أو استبعدت غالبيتها الساحقة وتم إقرار ما تقدم به الحزب الوطني وحكوماته المتعاقبة.ولم يشذ الحزب الحاكم عن عادته التاريخية المستمرة في تلك المزايدة العارية من الصحة علي معارضيه ومجمل المثقفين والسياسيين المصريين حتي عندما تعلق الأمر بتعديل الدستور نفسه، كما حدث في العام قبل الماضي فيما يخص المادة ٧٦ أو كما يحدث حالياً حيث يجري تعديل ٣٤ مادة من الدستور. وفي هذا الإطار فقد بدا لنا ضرورياً أن نطرح علانية مقترحات تفصيلية لصياغة بعض المواد التي يجري الآن تعديلها، بهدف إبطال الحجة المكررة، وليس أملاً في أن يأخذ بها الحزب الحاكم، فلم يبلغ بنا بعد الوهم هذا المدي.والبداية بالمادة الخامسة من الدستور والتي تنص حالياً علي: "يقوم النظام السياسي في جمهورية مصر العربية علي أساس تعدد الأحزاب وذلك في إطار المقومات والمبادئ الأساسية للمجتمع المصري المنصوص عليها في الدستور... وينظم القانون الأحزاب السياسية". ونقترح هنا النص التالي لصياغة هذه المادة: "يقوم النظام السياسي في جمهورية مصر العربية علي أساس تعدد الأحزاب وذلك في إطار المقومات والمبادئ الأساسية للمجتمع المصري المنصوص عليها في الدستور، وينظم القانون الأحزاب السياسية علي أن تنشأ بمجرد الإخطار، ويحظر قيام أي أحزاب أو ممارسة أي نشاط سياسي أو حزبي بما يميز بين المواطنين علي أساس الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة أو علي أساس امتلاك أو إنشاء تشكيلات عسكرية أو شبه عسكرية".والمنطق الذي يكمن وراء تلك الصياغة المقترحة يتمثل أولاً في أن يكون مبدأ إباحة قيام الأحزاب في الدستور هو الأصل والذي يحققه قيامها بمجرد الإخطار علي أن ينظم القانون إجراءات اللجوء إلي القضاء الطبيعي التي يمكن لأي شخص أو جهة اتباعها للاعتراض علي قيام أي حزب.)- ومن العربي الناصري نقرأ لأكرم القصاص حول علاقة المصريين بالسياسية علاقة مزعومة لأن المصريين معنيون بسياستهم الخاصة سياسية تتمحول حول معالجة أثار سياسية الحكومة نقرأ: (لم ينشغل الناس في مصر بالسياسة ويزهدوا فيها بقدر ما يحدث الآن. يتحدثون عن السياسة التي تخصهم، مستقبلهم ومصالحهم. فالمصريين هنا ليسوا بعيدين عن السياسة، بل هم منغمسون فيها. لكنهم لا يصدقون ما يدور في مؤسسات الدولة، من مشاهد اعتادوا عليها، وملوها من كثرة التكرار. يتابعون جلسات البرلمان من باب الفرجة علي شيء لا يخصهم. يسمعون عن صفقات ترفع البعض وتهوي بالبعض الآخر، حسب علاقته ومدي قربه أو ابتعاده من دائرة الحكم الضيقة.المصريون مشغولون بمواجهة علاج آثار السياسات الحكومية عليهم وعلي أسرهم. تعليم غير مجد، ومع ذلك يدفعون للدروس الخصوصية ثمن الحذاء والدواء، ليشعروا أنهم قدموا ما عليهم، بالرغم من حسراتهم علي أبنائهم وانفطار قلوبهم علي الأبناء الذين تخرجوا جالسين وايديهم علي خدودهم، غاضبون ومحبطون. المواطنون يشكون من علاج غير متوفر واسعار تتجاوز أضعاف الدخل. وجامعات فقدت فاعليتها ولم تعد تمنح أكثر من شهادة، لا تصلح للتعليق علي الحائط. وبينما يواجه المواطن العادي الأمرين في الحصول علي مسكن متر في متر، يري المليارات تذهب لمزيد من المنتجعات، والمباني الفاخرة في السواحل، والتي لا تستغل لأكثر من ثلاثة شهور في العام. مزيد من المنتجعات، ولا مصانع أو شركات، أو فرص عمل. كل هذا يجري باسم الاقتصاد الحر، الذي يعني في العالم مزيد من الفرص والمصانع والمشروعات والإنتاج والحركة، لكنه عندنا يعني مزيد من المنتجعات والساحل الشمالي، أما الساحل الجنوبي والدلتا، ومصر، فلا علاقة لها باقتصاد حر أو غير حر. اقتصادنا الحر، لا يضمن للعمال تأمينات أو حقوق، بل وحتي المستثمر الجاد ليس له مكان في عالم مغلق علي قلة من المحظوظين. هذه هي السياسة كما يعرفها المصريون، المشغولين طوال الوقت بمواجهة تأثيرات حكومات ونظام لا يعرفهم ولا يهتم بهم. ولذا يبدو المصريون غير مهتمين بما يجري، مع انه يخصهم، وهم ليسوا هواة عكننة ونكد كما يدعي بعض مدعي التفاؤل الكاذب. بل انهم يحنون إلي الفرح والي التفاؤل، دون أن يمتلكوا القدرة علي الوصول إليه، وهم يشاهدون مستقبلهم يباع بعيدا عنهم باسم اقتصاد تابع وليس حرا. الرئيس مشغول بالاستمرار، ومن حوله مشغولون بمصالحهم وحماية ممتلكاتهم من الأموال والسلطة. والابن وشلته مشغولون بوراثة الحكم، غصبا أو خطفا. المواطن الذي لايجد فرصة له أو لابنائه، ولا يجد فرصة لعلاج أو ضمان لمستقبل، طبيعي أن يعطي ظهره لتعديلات دستورية لا يثق في أنها تتعلق بما يعانيه، وما ينشغل به. بل انه لا يشعر بان هذه الحكومة وهذا البرلمان يمثلانه أو يتحدثان عنه. بل انهم لا يذكروه إلا مسبوقا بلقب محدود الدخل وغير القادر، كأنهم يتفضلون علي كائن خرافي لا يعرفون اسمه ولا ملامحه، ولاهمومه. لهذا فإن هذا المواطن لن يذهب إلي الاستفتاء ليقول رأيا سوف ينتهي في النهاية بتمرير تعديلات دستورية لن تعدل التعليم الفاشل ولن توفر العلاج الغائب. ولا المسكن النادر. يزهد في سياسة ليست له، تمنح مزيدا من السلطة لمن يريدون بيع نصف البلد لشراء النصف الآخر. )-أما في جريدة الأسبوع فقد كتب أسامة أيوب حول ورطة ومعضلة الصحافة القومية يلخص أسامة أيوب بعض أسباب مأساة مصرية نادرة التكرار أسمها الصحافة القومية نقرأ: (لا خلاف بل الاجماع داخل الجماعة الصحفية المصرية علي أن صيغة الملكية الهلامية الصورية للمؤسسات الصحفية العامة التي توصف بل تسمي قانونا ب "الصحف القومية".. هي السبب الأول والأكبر في تراكم التدهور الذي وصلت إليه أوضاع هذه المؤسسات.. ماليا وإداريا ومهنيا أيضا.. متمثلا في هذا الحجم الكارثي من الديون (7 مليارات جنيه)، وذلك الخلل الاداري الخطير الذي يعكس الفساد الاداري الفادح الفاضحوهو ما انعكس بالضرورة علي تراجع الأداء المهني الحرفي للصحافة القومية بوجه عام بشهادة شيوخ المهنة.هذه الهلامية في ملكية الصحف القومية أو علي نحو أدق في ممارسة حقوق الملكية عليها من جانب مجلس الشوري، هي التي أسهمت في واقع الأمر وبدرجة كبيرة في تحويل هذه الصحف إلي ما يشبه الاقطاعيات أو "العزب" الخاصة.. يديرها بإرادة منفردة مطلقة رؤساء مجالس إدارات لا سلطان لأحد أو لأية جهة في الدولة عليهم، باعتبار أن الذي يختارهم ويعينهم فعليا هو رئيس الجمهورية شخصيا وهو أيضا الذي يقيلهم من مواقعهم.أما دور مجلس الشوري المالك القانوني فقد اقتصر علي ممارسة صلاحياته في تعيين قيادات المؤسسات الصحفية.. شكليا فقط، إذ ترد إليه قائمة بأسماء رؤساء مجالس الإدارات ورؤساء التحرير الذين وقع عليهم الاختيار، ولا يملك المجلس سوي اقرارها فقط، كما هي دون تعديل أو حتي مناقشة، بل لقد بلغت هذه المهزلة في الملكية الصورية ذروتها إلي درجة أن المجلس لا يختار أعضاء مجالس ادارات الصحف المعينين، ولكنه يقر القائمة التي يرسلها إليه رئيس كل مؤسسة بأسماء من يختارهم هو لعضوية مجلس الادارة!!في ظل هذه الصيغة الهلامية الصورية لملكية الصحف القومية، وحيث صار مجلس الشوري المالك الذي لا يملك ولا يمارس حقوق الملكية سواء بتعيين قيادات هذه الصحف أو محاسبتهم عن أدائهم المالي والإداري والمهني، فإن ثمة علاقة تعاقدية من نوع غريب قامت بين من يدير وبين من يملك فعليا.. أسهمت بل تسببت في اطلاق أيدي رؤساء المؤسسات الصحفية.. يفعلون ما يشاءون.. يديرونها دون حسيب أو رقيب أو معقب علي أفعالهم.. مقابل الولاء التام لشخص الرئيس فقط دون سواه وفي سياق هذه العلاقة التعاقدية الغريبة فقد استمد رؤساء الصحف القومية حصانة مطلقة.. حولتهم إلي شخصيات "أسطورية خالدة".. بلغت مصاف الآلهة.. ذواتهم مصونة لا تمس.. قراراتهم وتصرفاتهم المالية والإدارية غير قابلة للحساب أو المناقشة.. معتمدين أيضا علي بقائهم في مواقعهم إلي ما بعد السن القانونية للتقاعد حتي بعد تغيير القانون خصيصا لهم بمدها إلي الخامسة والستين، إذ ظلوا في مواقعهم إلي ما بعد السبعين!في ظل هذا الواقع الصحفي "الأسطوري"، ومع تلك الحصانة المطلقة التي منحها النظام لقيادات الصحف القومية، فلم تجرؤ أية جهة رقابية أو حكومية في الدولة علي مساءلتهم أو محاسبتهم أو مراجعتهم أو حتي مطالبتهم بسداد ديون البنوك ومستحقات الدولة. ولأن السلطة المطلقة مفسدة مطلقة، فقد أحكم أشباه الآلهة الجالسون علي عروش المؤسسات الصحفية القومية قبضتهم الحديدية وهيمنتهم المطلقة علي شئونها بمعزل عن مجالس اداراتها التي عمدوا إلي تهميشها بل إلغاء دورها تماما، في غيبة دور حقيقي للمالك الصوري (مجلس الشوري) وفي تحدي صارخ لتقارير الجهاز المركزي للمحاسبات وسائر الأجهزة الرقابية في الدولة!! والآن.. وبعد أكثر من عشرين سنة، وبعد أن تمت ازاحة القيادات "الاسطورية" للصحف القومية عن عروشها، ولا نقول بعد احالتها للتقاعد فقد تجاوز هؤلاء سن التقاعد بعد التعديل (65 سنة) بسنوات..)- وأخيرا نقرأ من جريدة الكرامة لعبد الحليم قنديل الذي كتب قراءته الخاصة لمصر قراءة مفجوعة وفاجعة في آن.. لماذا ؟..هو يجيب: (لا تقل أنني يائس ، أنا. فقط. يأكلني اليأس ، فمصر بلد لا يمكن أن تصفه في كلمة ولا في كشكول ، فهي بلد جميل جدا ، وأقبح بلاد الله في الوقت نفسه ، بلد السراق وبلد المسروقين ، بلد لمتسولين وبلد المليارديرات ، بلد المحمول من الجيل الثالث ، وبلد الزبالة من الجيل الأول ، وإذا كنت مثلي لا تعرف شيئا عن معنى المحمول من الجيل الثالث، فقد سألت أبني مهندس الكمبيوتر، وأفادني ـ أكرمه الله ـ بأنه الهاتفالمحمول الذي يساوي الحياة نفسها، تتصل خلاله بمن شئت وأنى شئت ، وتتخاطب بالصوت والصورة ، وتفتح شبكه الإنترنت ، وتشاهد التليفزيون ، وتقضى مصالحك بضغطة زر، هذا ـ بالطبع ـ إن كنت من السراق الذين يحملون لقب رجال أعمال ، لكنك ـ بالتأكيد ـ لست في حاجة لسؤال ابنك ولا ابني عن الزبالة من الجيل الأول ، فهي امتياز مصري خالص ، ومتاح للمصريين بالتساوي ، ولا يحتاج لنزهة تسوق ، ولا إلى مصروف جيب للذهاب في رحلة ، فالزبالة حاضرة عند باب الشقة ، وعلى سلم البيت ، وفي الأزقة والشوارع الرئيسية ، وفى أحياء الفقراء ومدن الأغنياء، على عتبة بيت العامل والعاطل ، وفى مكتب السيد المحافظ ، وربما يصلح مقلب الزبالة كشعار قومي ، فهرم الزبالة هو مجد مصر الحاضرة ، تماما كما كان هرم خوفو رمزا للأجداد ، فأنت لا تسمع عن شيء في مصر إلا وكانت له علاقة بالزبالة ، محافظ أقال مسئول زبالة ، والعمال يتظاهرون بسبب الزبالة ، ورسوم الزبالة على فواتير الكهرباء ، وعلى الضرائب العقارية ، وعلى جدول أعمال مجلس الشعب ،وفى مقالات كبار الكتاب بالصحف ، وفى برامج اللهو الخفي بالتليفزيون ، الكل مشغول بالزبالة ، وكلما زاد الانشغال زادت أكوام الزبالة ، شركات أجنبية دخلت على الخط ، ومحتكرون مصريون يتنافسون على كعكة الزبالة ، حتى إنك لتتخيلأن مصر خلقت كمزبلة ، وأن الله وهبنا آبار الزبالة عوضا عن آبار البترول التي اختص بها غيرنا، فالأجيال تحيا وتموت ، والبقاء دائما للزبالة ، انظر إلى الشوارع في عاصمة المعز ، لا تجد أسفلت شارع يشبه الآخر، ولا تجد "مطبا" يشبه الآخر ، ولا رصيفا يشبه رصيفا ، ولا عمارة تشبه عمارة ، إنه مجرد أذى بصري والسلام ،إشارات المرور على كل لون ، ولافتات الإرشاد ـ إن وجدت ـ بلا ضابط ولا رابط ، لافتات بالعربية والإنجليزية أحيانا ، ولافتات هي الأغلب بلغة حارة حرنكش وبخط أقرب "جزماتي" ، وأتوبيسات النقل العام والخاص خردة متحركة ، وملابس الناس "بزرميط " ، ولولا وجود النيل ما عرفت أنها القاهرة ، أو قل إنك ستعرف حتما أنهاالقاهرة من كم الزبالة الملقى في النيل ، خلاصته ، لا ألفة في المكان ولا ملمح لبشر، إذا ألقيت عليها نظرة من طائرة ، لخلا تجد غير الضباب الخانق والتلوث بمعدلات فلكية ، وإذا غرقت فيها فإنك ـ بالضبط ـ في مقلب نفايات معماري ، قد تستريح ـ فقط ـ إذا أغلقت عينيك ، أو هربت إلى مقهى مغلق ، أو إذا صادفك حظك ورأيت القاهرة في الليل ، ساعتها تغيب التفاصيل المؤذية ، ويبقى السحر لأنوار الكهرباء على صفحة النيل ، وقد تصرف النظر عن هذا كله ، وتقول ، إننا بلد "نامي"! على أي حال ، وان اليسر ربما يأتي بعد العسر، لكن الأمل ـ للأسف ـ يبدو كأنه العنقاء والخل الوفي ، يراوغنا ويقصف أعمارنا ويخذل أشعارنا ، ويبقي اليأس له الملكوت جيلا فجيل ، وجرب أن تسأل شابا مصريا عن أغلى أمنية يحلم بها ، سوف تجد الجواب هو نفسه ، وبذات اللهفة ، الكل يريد أن يهاجر من مصر، إلى أين ؟! لا يهم)

No comments: