Tuesday, February 20, 2007

والحزب الوطنى أيضا محظور!

كتب أمين يسري ـ العربي الناصري 19/2
لم يعد عزم النظام على ضرب جماعة الإخوان المسلمين يحتاج إلى قدح الذهن ولا جمع الأدلة. بل أصبح وجود هذا القرار حقيقة ماثلة للعيان، فبعد اعتقالات قيادات الجماعة فى العديد من المحافظات وما تلاها من اعتقال قيادات نسب إليها أنها تقوم بأنشطة مالية لتمويل الجماعة وإحالتهم لمحكمة عسكرية وليس للقاضى الطبيعي، بزعم أن المحكمة العسكرية هى الأسرع، كما قالت الأهرام فإن المسألة لم تعد تحتمل الشك ولا المحاجاة. ليس هذا رأى كاتب هذه السطور وحده، ففى خلال أسبوع واحد كتب أستاذان جامعيان لا يمتان لجماعة الإخوان بصلة، بل إن أحدهما وهو د. حسام عيسى ينتمى إلى تيار تعتبر الجماعة أن بينها وبينه ثأرا قديما! وهناك ثالث يحمل درجة الدكتوراه وتخصص فى الجماعات الإسلامية، وكانت مقالات ثلاثتهم تدور حول موقف النظام من جماعة الإخوان، وأن من بين أهداف التعديلات الدستورية تصفية وجود هذه الجماعة وألا تقوم لهم قائمة حتى ولو شكلوا حزبا سياسيا. بل إن موقف النظام من جماعة الإخوان لا يقتصر على هذه الجماعة فى مصر، بل إلى كل تنظيم يمت لها بصلة ك حماس فى فلسطين، وكل تنظيم يصنف ضمن جماعات الإسلام السياسى فى أى قطر عربى بما فى ذلك حزب الله فى لبنان، وهو موقف يتماثل مع الموقف الأمريكى والغربى عامة ويتطابق معه وأيضا طبعا يتطابق مع الموقف الإسرائيلى. بل إن موقف النظام وسياسته تتضح أكثر من علاقاته ب إيران. فلا علاقات دبلوماسية بين البلدين، رغم وجود علاقات اقتصادية تتمثل فى نشاط بنك مصر إيران الذى تأسس إبان حكم الشاه. وعدم قيام علاقات دبلوماسية بين البلدين حتى الآن أسبابه فيما أعتقد هى أمنية بالدرجة الأولى وليس كما يدعون أن إيران لم تلب المطالب المصرية الهزلية والتى تنحصر فى إزالة اسم شارع ب طهران سمى باسم الإسلامبولى الذى اغتال السادات. فمدى علمى أن إيران قد استجابت لهذا المطلب، رغم أن مصر قد فعلت ما هو أسوأ إذ غيرت اسم شارع شهير بحى الدقى قريبا من وزارة الزراعة هو شارع مصدق واسمه شارع الشاه!! وإن كانت الناس قد ابقت على هذا الشارع محتفظا باسم مصدق الزعيم الإيرانى الذى أمم البترول وظل وسيبقى محفورا فى ذهنها. حجة الجهات الأمنية لمنع قيام سفارة ل إيران فى القاهرة أنه سيلقى على عاتقها أعباء إضافية هى فى غنى عنها، إذ سيكون عليها مراقبة أعضاء هذه السفارة والمترددين عليها ليل نهار، خاصة أن هذه السفارة ستكون قبلة جماعات الإسلام السياسي، كما أنه فى تواجدها ما يعد دعما معنويا لهذا التيار وهذه الجماعات. الشاهد أن النظام ضد الإسلام السياسي، رغم أنه تيار أصيل فى الحياة السياسية فى مصر حتى قبل قيام الجماعة فى عام 1928. لكن يبقى السؤال: ما أسباب النظام لضرب جماعة الإخوان وتصفية وجودها فى الحال وفى الاستقبال، فى الحاضر والمستقبل؟ الأسباب فى تقديرى هي: أولا: لا يوجد منافس للحزب الوطنى على الساحة السياسية سوى جماعة الإخوان، فبينما حصل الحزب الوطنى على 140 مقعدا فقط فى مجلس الشعب من بين 444 قام بترشيحهم فإن جماعة الإخوان حصلت على 88 مقعدا. وكان يمكن أن يزيد العدد على ذلك إذ توجد ست دوائر ابطلت فيها الانتخابات ولم تجر الإعادة حتى الآن. ولو أجريت الانتخابات فى هذه الدوائر بنزاهة تامة لحصل الإخوان على ثلاثة أو أربعة منها بما يرفع أعداد نواب الإخوان إلى قرابة 90 نائبا أو يزيد. أما باقى الأحزاب ومجموعهم اثنان وعشرون فقد حصلوا على أحد عشر مقعدا لا غير 6 من الوفد و2 من حزب التجمع واثنان من حزب الكرامة تحت التأسيس بالإضافة إلى 22 مستقلا. ثانيا: إن الذين أعطوا أصواتهم لمرشحى الإخوان وعددهم يقارب الثلاثة ملايين ناخب كان عن قناعة بفكر الإخوان أو تعاطفا معهم أو نكاية فى الحزب الوطني!! بينما المرشحون عن الحزب الوطنى والذين فازوا كان وراء فوزهم، إما ما أنفقوه من أموال ببذخ وإسراف شديد، وأما لوجود عصبيات عائلية تكاتفت وراءهم، ولكن ليس أبدا نتيجة قناعة بفكر الحزب الوطنى القديم أو الجديد!! ثالثا: إن للجماعة وجودا فاعلا ومؤثرا فى الريف وفى عواصم المحافظات بما تمتلكه من مؤسسات اجتماعية تقدم الخدمات للمواطنين البسطاء بتكلفة تتناسب مع دخلهم المحدود أو المعدوم. بينما الحزب الوطنى يظهر دائما كحزب السلطة المكروهة دائما عبر التاريخ، حيث لم يعرف الشعب عن السلطة سوى أنها جهاز للقهر وجباية الأموال. رابعا: إن النظام قضى على الأحزاب عندما جعل التأسيس مرهونا بإرادة الأمين العام للحزب الوطنى الحاكم وعندما عمد الأمن إلى حبس الأحزاب بين جدران مقاراتها وبما أضافه من شروط فى التعديل الأخير لقانون الأحزاب الذى أضاف صعوبات لتأسيس أحزاب جديدة. خامسا: المعاناة التى يواجهها المواطنون من قبيل انتشار البطالة وغلاء الأسعار وارتفاع معدلات التضخم كان هذا وحده دعاية مضادة للحزب الوطنى الذى له فى الحكم ثلاثون عاما تراجع خلالها حال مصر اقتصاديا وسياسيا داخليا وخارجيا بما جعل أمل المواطنين فى الاتجاه إلى السماء بما أدى إلى تصاعد الاتجاهات الدينية الذى دعمه تصاعد الاتجاهات الدينية بين دول المنطقة كلها أمام الهجمة الأمريكية على العراق وظلم الإدارة الأمريكية للفلسطينيين ومساندتها العمياء ل إسرائيل مع خضوع أنظمة الحكم فى الدول العربية والإسلامية إلى هذه الإدارة الأمريكية التى دعمت هذه الأنظمة وساندت بقاءها على كراسى الحكم. سادسا وأخيرا: فإن الحزب الوطنى من مكن رجال المال والأعمال لأول مرة منذ نصف القرن من السيطرة على مقدرات الأمور، ويكفى أن نعرف أن 58 نائبا ينتمون للحزب الوطنى فى مجلس الشعب هم من رجال الأعمال وإن عددا منهم أصبحوا وزراء. إذن جماعة الإخوان لم تعد محظورة على الناس، علما بأن أحدا لا يعرف على وجه اليقين متى أصبحت هذه الجماعة محظورة ومن الذى أصدر هذا القرار، وما سنده القانونى وهل كان هذا الحظر مؤقتا أم مؤبدا؟!. واقع الحال أن الحزب الوطنى هو الذى أصبح مكروها ومحظورا بكل الخطايا التى ارتكبها منذ جاء بقرار من رئيس الجمهورية السادات فى عام 1978. فهو الحزب الذى عقد معاهدة مع إسرائيل وقبل عن طيب خاطر إن يخرج مصر من عالمها العربي، وأن يقيم مع أمريكا علاقة خاصة استراتيجية ومن ثم مع إسرائيل والغرب عامة. وهو الحزب الذى فتح أبواب مصر سداحا مداحا أمام الصناعات والمنتجات الأجنبية، وهو الحزب الذى باع القطاع العام الذى هو ملك للشعب بنص الدستور، وهو الحزب الذى عجز عن طرح مشروع قومى تلتف حوله الجماهير. وهو الحزب الذى يقوم الآن بطرح تعديلات على الدستور وينفرد وحده باختيار المواد التى يرى وحده أنها فى حاجة إلى تعديل والتى تستهدف فى واقع الأمر أن يأتى التوريث سهلا ومتفقا مع الدستور بعد تعديله. فيبقى مبارك رئيس الحزب حاكما ومن بعده ابنه وأحفاده!! المحزن أن هذا كله يجرى فى غياب التيار الناصرى القادر على يملأ الفراغ السياسى الخطير. وهو فراغ سيؤدى حتما إلى انفجار سيكون ضحيته الأولى الوطن

No comments: