Wednesday, February 28, 2007

الإخوان ..كبش الفداء


ـ العربي الناصري محمد حماد

كان لابد أن اكتشف أن جماعة الإخوان المحظورة عند الحكومة هى جماعة مصرية لكى أحس بغصة الاكتشاف الجديد وأنا أتابع تحويل قيادات منها إلى المحكمة العسكرية، كان لابد أن أعرف أن الإخوان هم من بلدنا قبل أن تدمع عينى وأنا اقرأ مأساة بيوت اقتلعتها عواصف زوار الفجر التى اجتاحت هدوءها الرتيب المعتاد، كان لابد أن أقنع نفسى أن أطفالهم أطفالنا حتى أحس بكل هذا الوجع فى قلبى وأنا أسمع وأكاد ألمس فزع العيون البريئة وهى تصرخ من الخوف وسط انتشار الرشاشات والأحذية الثقيلة حول سرير صغير يحتوى تلك الأجساد التى لم يغادرها دفء البطاطين أو أمان النوم فى أحضان أمهاتهم، وكان لابد أن أتذكر أنهم بنى آدميين مثلنا حتى تدمع عينى وأنا أتذكر كيف تكون حسرة طفل صغير وهو يرى أباه يخرج لا لصلاة الفجر بل يقتاده زوار الفجر عنوة بلا أية آدمية، كان لابد أن أعيد اكتشاف أن الإخوان قوة وطنية كبرى حتى أفيق على أننا كقوى وطنية نقف موقف المتفرج وبعضنا يقف مواقف المحرضين عليهم من دون أن يرتفع لنا صوت مدو رفضا لإحالة المدنيين إلى المحاكم العسكرية. كان لابد أن أعرف أن خيرت الشاطر ومن معه لم يدخلوا السجن لأنهم إخوان، ولا هم محالون إلى المحاكم العسكرية لأنهم يدعون إلى الإسلام طريقا للحل كما هو شعارهم المزمن، وكان لابد أن أعرف أنهم شرفوا السجون لأن جماعتهم باتت تشكل تهديداً لحكم فقد شرعيته، فهم ما فتئوا يرفعون عقيرتهم بأن الإسلام هو الحل منذ زمن طويل، ولكنهم الآن صاروا أكبر حجما وأكثر ثقلا وأشد تأثيراً من أن يتركوا يكبرون ويكبر معهم التهديد المباشر لنظام الحزب الوطنى الفاشل.! كان لابد أن اضبط نفسى ومعى كل تلك الأسماء والشخصيات العامة والجمعيات والمنظمات المدنية والنقابات المهنية والأحزاب التسعة عشر ولا العشرين لأنى لم أعد أعرف عددهم متلبسين فى حالة تقصير ما كان يجب أن نقع فيها فى ظل ظروف ما نحن فيه، وأقر بتقصيرى الشخصى فى هذا المجال، وأنا من ذاق من قبل مرارة السجن وويلات الاعتقال، وتعهد بينه وبين نفسه ألا يقف مكتوف اليد منزوع اللسان عن أى انتهاك لحقوق الإنسان! ولست أعتذر عن نفسى أو عن آخرين لا أملك حق الاعتذار عنهم، ولكنى إذ أعترف بالتقصير أعلن نيابة عن ضميرى الموجوع ونيابة عن كل صاحب ضمير رفضى المطلق لكل إحالة لمدنيين إلى المحاكم العسكرية أيا كانت التهمة الموجهة إليهم، وأياً كان خلافى أو اتفاقى معهم. ولا شك عندى فى أن المثقف المصرى فى حاجة إلى مراجعة نفسه إذا لم يتألم لظلم يقع على أى من مكونات الحياة السياسية، أفرادا وجماعات، وأرى أن الواجب يقتضى أن يخرج الجميع من ضيق التحزب إلى سعة القيم المشتركة، فلا يقبل بأى انتهاك يتعرض له أى مؤمن بهذه القيم، يتساوى فى ذلك ظلم يتعرض له خيرت الشاطر مع ظلم تتعرض له أية قيادة وطنية ممن أحبوا هذا الوطن، ونذروا أنفسهم لرفعته وإصلاح أموره وأحواله! تعالوا نتفق على أن كل القوى والأحزاب والتيارات بل والمجموعات - الصغيرة قبل الكبيرة- تعيش حالة من الانكفاء على الذات والاكتفاء بالذات، وتضخم الأنا الحزبية على حساب العمل الجماعى المنتج والأكثر تأثيرًا، ودعونا نتفق أيضا على أننا ما نزال - كلٌ بطريقته نتصور أن أفكارنا صواب لا يحتمل الخطأ، وآن أفكار غيرنا خطأ لا يحتمل الصواب، وتلك مصيبة المصائب التى أودت بكل إمكانية للتجمع من أجل صياغة مستقبل أفضل لبلادنا ولمجتمعنا نكون فيه جميعا ولا خاسر بيننا!! لا شك عندى فى أن النخبة مدانة عندما تركت الإخوان يتعرضون لضربات النظام، وأكثر من أدينهم أولئك الذين ملئوا شاشات التلفزة الحكومية نعيقا على الإخوان وهم فى حال لا يجوز أن نقف ضدهم مع نظام يتلذذ الآن بأكل الثور الأبيض ليتفرغ لبقية الثيران.!

No comments: