Sunday, January 14, 2007

حوار الرئيس لمصطفى بكري

المصريون : بتاريخ 13 - 1 - 2007

جمال سلطان
الحوار الذي أجراه الزميل مصطفى بكري مع الرئيس مبارك ونشرته الأسبوع قبل يومين كان حدثا هاما في حد ذاته ، ليس لأنه حوار نادر للرئيس مع صحيفة مستقلة ، فقد حدث ذلك من قبل ، وإن كنت تمنيت لو أن الحوار أجري بطريقة حية بدلا من النص المكتوب جوابا على أسئلة مكتوبة ، لدرجة حرمان الصحيفة من نشر الصورة التقليدية لرئيس التحرير وهو يحاور محدثه ، المهم أن حديث الرئيس مبارك كان فيه كلام مباشر وصريح عن الصراع السياسي الداخلي في مصر ، وهذه نادرة جدا أن يتحدث فيها الرئيس مبارك ، كنا في السابق نسمع الرئيس يتحدث بأحاديث عامة وخطوط عريضة بدعوة الأحزاب لتفعيل نشاطها ودعوة المواطنين للمشاركة الجادة في الحياة السياسية ، ونحو ذلك من خطب ، وهي أحاديث بروتوكولية وفض مجالس كما يقولون ، لأن الجميع يعلم أنه لا يوجد حياة حزبية بالمعنى المتعارف عليه ولا يوجد أي مساحة للحركة أمام أي حزب لو أراد أن يتحرك ، وبالمقابل فالمواطن لا يشارك في الحياة السياسية لأنه يدرك بخبرة فطرية من معايشته لأجهزة الدولة المختلفة أن الأفضل له أن يمشي جنب الحيط ، ويمكنه أن يشارك بقوة في التظاهرات الكروية أو الفنية ، لكنه إذا فكر أن يخرج في تظاهرة سياسية فسوف يكون مصيره السحل في الشوارع إذا أكرمه الله وعاد إلى بيته بعد ذلك ولم يتحول إلى أحد السجون أو مقرات الأمن ، لكني بأمانة شديدة كنت سعيدا بحوار الرئيس ولا أنكر أن الحوار كان فيه ما تتفق فيه مع الرئيس وما تختلف ، لكن حديثه عن الإخوان المسلمين بشكل خاص كان سابقة مهمة ، بغض النظر عن اتفاقنا أو اختلافنا مع رؤيته لدور الجماعة وخطرها وللتيارات الإسلامية بشكل عام في العالم وليس في مصر وهو ما عبر عنه الرئيس مبارك بوضوح غير مسبوق ، سعادتي بحديث الرئيس أتت من إحساسي بأني للمرة الأولى تقريبا أشعر أني قريب من عقل رئيس الجمهورية وأدرك ما يفكر فيه بالفعل ، لأن هذا يسهل كثيرا أن تحدد موقفك وأن توضح رأيك بعيدا عن "التخمين" ، وطالما أن مؤسسة الرئاسة هي المؤسسة الوحيدة التي تصنع السياسة وتوجهها في مصر فإنه يكون من الأهمية بمكان معرفة "عقل" الرئاسة وما يفكر فيه الرئيس ، في بعض الدول يألف الناس أن يستمعوا إلى خطاب أسبوعي لرئيس الدولة مثلا يعبر عن حال الأمة وأهم القضايا التي تشغل بال رأس الدولة ، تمنيت لو أن الرئيس المصري يفعل ذلك ولو مرة كل شهر أو حتى كل سنة ، بدلا من الخطب العامة المحفوظة التي يتندر عليها الناس ، في حديث الرئيس مبارك عرفنا أسباب الحملة الأمنية الواسعة الأخيرة على جماعة الإخوان ، وبدا واضحا من كلام الرئيس أن الحملة هي قراره ورأيه ورؤيته ، وكل ما يتم في الجهازين الأمني أو الإعلامي هو تنفيذ لهذه الرؤية ، ومن حق الرئيس وهو رئيس الحزب الوطني الحاكم أيضا أن يفزع من منافسه السياسي الرئيسي ، ومن حقه أن يعمل على تهميشه وإضعافه ، ففي الصراع السياسي كل ذلك مقبول ومفهوم ، ولكن من المهم أن يتم ذلك وفق صراع سياسي حقيقي ونزال شعبي وعادل وشفاف ، وليس بتوظيف قدرات الدولة في قمع الخصم السياسي ، ثم إن هناك حلولا أكثر فعالية ونجاعة في مثل هذا الأمر ، ولكنها الحلول التي تحتاج إلى عقل سياسي يملك الجرأة والحيوية والقدرة على الابتكار وتحمل مسؤولية القرار ، وهو إتاحة الفرصة أمام طاقات المجتمع السياسية المختلفة أن تكون حاضرة في المشهد السياسي ، فهذا يحول دون الاستقطاب الحادث الآن بين الوطني والإخوان ، ولكن مع الأسف في نفس الأسبوع الذي عرف الحملة على الإخوان قررت "الدولة" حرمان حوالي عشرة أحزاب دفعة واحدة من حقها في الوجود السياسي ، منها حزب الوسط الذي وقف على أبواب لجنة الأحزاب ومحكمة الأحزاب عشرة أعوام وزيادة ، بدون أي أمل ، وكل ذلك يصب بطبيعة الحال في خانة جاذبية العمل السياسي خارج الإطار القانوني ، لأن أي سياسي جاد لن يجد أي فسحة للمشاركة القانونية ، في منظومة ألفت السياسية كديكور .... وللحديث بقية .

No comments: