Sunday, January 14, 2007

الكرامة والوسط: فتح الله عليكما


ابقلم د. منار الشوربجي ١٤/١/٢٠٠٧
ليلة صدور حكم محكمة الأحزاب الذي رفض ١٢ حزباً تحت التأسيس بينهما الوسط والكرامة، استضاف برنامج «القاهرة اليوم» وكيلي مؤسسي الوسط والكرامة، أبو العلا ماضي وحمدين صباحي، وقد أسهب الضيفان في الحديث عن معاناتهما في الحصول علي الشرعية القانونية ودلالاتها بالنسبة للإصلاح السياسي الحقيقي.
ولابد لمن تابع مضمون الحوار أن يصل إلي نتيجة مؤداها أن هناك انسداداً مزمناً في قنوات العمل السياسي في مصر بما يدفع لليأس من أي إصلاح حقيقي ينشده الناس.
إلا أن الحوار نفسه يحوي في طياته آفاقاً واسعة تفتح أبواب أمل حقيقي، فبغض النظر عما قاله الرمزان البارزان فعلا، فإن تفاعلهما المباشر معا والذي تكرر هو ذاته بعدها بيوم واحد في برنامج العاشرة مساء كان المفارقة الحقيقية التي تدعو للتفاؤل رغم بؤس اللحظة السياسية التي استدعت استضاف%AJ i'D٩ا أصلا.
فقد وجد المشاهد نفسه إزاء رمزين سياسيين جاء كل منهما من خلفية أيديولوجية مختلفة ويعبر عن مشروع سياسي مختلف، ولكنهما يستخدمان خطاباً سياسياً ذا طابع غير مألوف في الحياة السياسية المصرية، ففي كل مرة تحدث أحدهما، تحدث عن الكرامة والوسط معا، واستخدم كل منهما تعبير «نحن» لابمعني «نحن في الكرامة» أو «نحن في الوسط» وإنما بمعني «نحن في الوسط والكرامة معا»، بل في لحظة كاشفة، علق حمدين صباحي علي عبارة قالها أبوالعلا ماضي قائلا «الله يفتح عليك ياأبوالعلا»، وهو تعبير عفوي يحمل دلالة سياسية بالغة الأهمية،
ورغم أن كاتبة هذه السطور تختلف جوهريا مع ما جاء علي لسان ماضي وقتها واستحق ذلك التعليق البديع من صباحي، فإن التعبير ذاته غطي في الواقع علي مضمون ماقيل، فصار هو الحدث الأهم علي الإطلاق في ذلك الحوار، فهو في ظني أكثر دلالة بالنسبة لمستقبل مصر من حكم المحكمة.
فالتعبير الذي استخدمLoadRepoدين صباحي إنما هو أحد تجليات حالة جيل جديد من السياسيين في مصر استطاعوا أن يتخطوا حاجز الأيديولوجيا لينطلقوا معا يدا بيد نحو التفكير في مستقبل أفضل لمصر يسعهم جميعاً دون إقصاء.
فالسمة الرئيسية التي تميز رموز الوسط والكرامة هي انفتاحهم علي التيارات الفكرية الأخري واستعدادهم للتفاعل الواسع معها.
والكرامة والوسط يمثلان مشروعين سياسيين لجيل السبعينيات، صاحب الخبرة المتميزة التي كتب عنها الكثير، ولكن هذا الجيل، في مرحلة نضوجه، أضاف إلي كل ذلك إدراكاً حقيقياً بأن الاستقطاب الأيديولوجي هو إحدي العقبات الرئيسية في وجه أي تحول جاد نحو الديمقراطية، ومن ثم، سعوا لأن يحرروا أنفسهم من مرارات احتفظ بها تيار كل منهم إزاء التيارات الأخري.
لكن ينبغي هنا الإشارة إلي أن تخطي جيل السبعينيات لحاجز الأيديولوجيا لم يأت بين ليلة وضحاها ولا كان سهلاً أو تلقائياً وإنما هو إنجاز تحقق عبر جهد واع وع%n٠turvkويل الأمد امتد منذ منتصف الثمانينيات علي الأقل ومر بمراحل شاقة ومتعددة، كان أولاها إنجاز الفهم المتبادل، وثانيها بناء الثقة.
ثم بدأت أولي ثمار هذه الرحلة الشاقة تظهر للعلن في منتصف التسعينيات في شكل نقلة نوعية جديدة للتجربة كلها، حيث انتقلت من مرحلة الحوارات إلي مرحلة العمل المشترك، والذي تمثل في حملات التضامن مع الشعب الفلسطيني.
غير أن تجربة العمل المشترك نفسها مثلت تراكما إضافيا عزز الفهم المتبادل وعمق الثقة علي نحو أدي لاحقا إلي اتساع تلك التجربة لتشمل العمل المشترك بشأن القضايا الداخلية أيضا، وهو ماكانت حركة كفاية أحد تجلياته.
بعبارة أخري، نجح جيل السبعينيات حتي الآن في بناء تلك الثقة العابرة للأيديولوجيا، التي أتصور أنه لا مستقبل لحياة سياسية ديمقراطية في مصر دونها، فالديمقراطية تقوم علي وجود قوي سياسية ومتعددة قادرة علي التنافس، ولكنها أيضا قادرة علي العمل معاً إdF١wmYc}الأمر، وهو ما لا يمكن تصوره في ظل حالة استقطاب قائمة علي منطق الإقصاء والاستبعاد.
ومن هنا يأتي الإسهام المهم الذي يقدمه الوسط والكرامة للحياة السياسية المصرية، إذ نحن إزاء مشروعين لحزبين في مصر يقوم كل منهما علي رؤية أيديولوجية مختلفة ولكن برموز قادرة علي التفاعل خارج الأيديولوجيا الواحدة ومستعدة للعمل عبر الحزبي وعبر الأيديولوجي .
في إطار كل ذلك، تأتي أهمية المشهد الذي نقله برنامج القاهرة اليوم، فهو لم يكن وليد لحظة جمعت رموز الحزبين في ظرف متماثل استدعي تعاطفاً مشتركاً مؤقتاً، ولاهو مسألة شخصية مقتصرة علي حمدين صباحي وأبوالعلا ماضي،
وإنما هو أحد تجليات ذلك الجهد العمدي الجماعي الذي بذل عبر سنوات طويلة للوصول إلي ذلك المشهد البديع الذي نقله البرنامج بالصوت والصورة وهو الأمل الحقيقي لمصر المستقبل، فهو مشهد يكشف عن نوع جديد من السياسة في مصر يحمله جيل جديد من السياسيين ا%Dن علي الأرض بالفعل بغض النظر عن حصولهم علي الرخصة القانونية.
فتح الله علي حزبي الكرامة والوسط فقد فتحا لنا بابا واسعا للأمل.

No comments: