بقلم سليمان جودة
يخطئ مَن يراهن، علي تداول قريب للسلطة في مصر، فلا أحزاب المعارضة، تتمتع بقوة كافية في الشارع، تستطيع بها أن تنتزع كراسي الحكم، من خلال صندوق الانتخابات، ولا الحزب الحاكم نفسه عنده استعداد لأن يتنازل عن السلطة طواعية لأحد..
وزمان قال أحمد بهاء الدين، في كتابه المهم: «شرعية السلطة في العالم العربي» إن الأحزاب والأنظمة الحاكمة، في عالمنا العربي تحكم، وفي ذهنها أنها سوف تحكم إلي الأبد، كما أن المعارضة تعارض وهي تؤمن بأنها سوف تظل تعارض إلي الأبد!!
فما الحل؟!.. الأمل الوحيد يظل في حدوث تداول للسلطة، داخل النظام الحاكم نفسه، وداخل الحزب الوطني ذاته.. والسبيل الوحيد إلي خلق مثل هذا الوضع، هو تعديل المادة ٧٧ بحيث تنتقل من وضعها الحالي الذي ينص علي بقاء الرئيس في منصبه مدي حياته، حتي ولو حكمنا مائة عام، إلي وضع آخر، يقضي بألا يتجاوز الرئيس، في موقعه، فترتين رئاسيتين علي أقصي تقدير.هذا هو الأمل الوحيد، الذي نتشبث به، ونعيش عليه أمام وضعنا الراهن، وهو أمل يتعين علي المصريين جميعاً، أن يتمسكوا به، وأن يصمموا علي تحقيقه.
ولكن المشكلة الحقيقية، أن الرئيس مبارك يقف في وجه تحقيق هذا الأمل الوحيد، ويرفض مجرد المساس بالمادة ٧٧ بإصرار عجيب!!.. لماذا؟! لا أحد يعرف ولا يفهم، رغم أن تعديل هذه المادة أصبح رغبة عامة عند جميع المصريين، بمن فيهم أعضاء بارزون في الحزب الوطني نفسه ـ الدكتور حسام بدراوي والدكتور علي الدين هلال علي سبيل المثال ـ وبمن فيهم أيضاً، وزراء في حكومة الرئيس.
هناك بالطبع من يقول إن رفض تعديل هذه المادة مؤامرة، القصد منها مجيء جمال مبارك إلي الحكم، وبقاؤه فيه، أطول فترة ممكنة، ونحن نرفض تصديق مثل هذا الكلام، أو وجود مثل هذه المؤامرة من أصله، فالقول بها يضر بالرئيس ونجله في وقت واحد..
إن مبارك يستطيع أن يعدل هذه المادة، بحيث يبدأ العمل بها عام ٢٠١١، وبالتالي يصبح من حقه البقاء فترتين بعد فترته الحالية، إذا رأي أن يرشح نفسه.. وعند انتهاء الفترتين عام ٢٠٢٣ سوف يكون جمال مبارك ـ إذا جاء فعلاً إلي السلطة ـ قد أصبح في نهاية الخمسينيات من عمره، فإذا حكم فترتين كان فيهما الكفاية.. فلماذا إذن إصرار الرئيس علي عدم المساس بالمادة ٧٧؟!
ولماذا إصراره علي أن يحكمنا الرئيس القادم من بعده تأبيدة، بغير حدود؟!.. وإذا كان الرئيس مبارك لم يتجاوز كثيراً في شؤون الحكم، طوال الـ ٢٥ سنة التي حكمها حتي الآن، وإذا كان من الممكن القول عموماً إنه رجل صالح في الحكم، مقارنة بنظرائه الحكام العرب، ومع ذلك نعاني من حصيلة ربع القرن من الحكم الصالح.. فما بالنا لو كان الرئيس مبارك «حاجة تانية» طوال فترات حكمه الخمس؟!
إننا نطالب الرئيس بأن يجري استفتاء عما إذا كان المصريون يريدون بقاء أي رئيس في السلطة فترة أو فترتين، أو ثلاثاً، وعما إذا كانوا يريدون الفترة أربع أو خمس أو ست سنوات، ونحن علي يقين من أن الغالبية سوف تؤيد أن يكون الحكم لفترتين فقط، كل فترة أربع سنوات لا تزيد يوماً واحداً!!
فهل يمتلك النظام الحاكم، الشجاعة الكافية لإجراء استفتاء من هذا النوع، لتكون الكلمة الأولي والأخيرة للشعب، الذي يقول عنه الرئيس مبارك، كلما سأله أحد عن سبب عدم تعديل المادة ٧٧ إنه ـ يقصد الشعب ـ هو الذي يستطيع من خلال صناديق الانتخابات أن يستبقي الرئيس عند نهاية كل فترة رئاسية، أو يأتي بغيره؟!
إن إصرار الرئيس علي الرفض، وإصراره علي الوقوف، في وجه رغبة شعبية عارمة، يجعله يبدو واقفاً في ركن.. بينما الـ ٧٥ مليون مصري في ركن آخر تماماً.. وهي صورة لا نعتقد أن الرئيس يسعده أن يبدو عليها، أمام الناس في هذا الوطن.. وقبل الناس لا يسعده أيضاً أن يبدو ويظهر عليها أمام العالم!!.. وسوف نري، ما إذا كان الرئيس مبارك سوف يحقق أملنا الوحيد.. أم يبدده؟!
No comments:
Post a Comment