القدس العربي - من حسنين كروم:
كانت الأخبار والموضوعات الرئيسية في الصحف المصرية الصادرة أمس، عن استقبال الرئيس مبارك وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس والمؤتمر الصحفي الذي عقدته مع وزير الخارجية أحمد أبو الغيط وافتتاح الرئيس مبارك مدينة القرنة الجديدة في الأقصر وعددا من المشروعات في محافظة المنيا ومناقشات مجلس الشعب حول فضيحة أكياس دم شركة هايدلينا، والموافقة علي رفع الحصانة عن صاحبها، الدكتور هاني سرور وكيل اللجنة الاقتصادية بالمجلس وعضو المجلس الأعلي للسياسات التابع لأمانة السياسات التي يرأسها جمال مبارك بالحزب الوطني الحاكم وحبس 6 من قيادات الإخوان، بتهمة القيام بعملية غسيل أموال، والانتماء لجماعة محظورة وموجة برد شديدة، وإعدام برزان التكريتي وعواد البندر.وتركزت ابرز التحقيقات والتعليقات علي فضيحة أكياس الدم الفاسدة ومشروع بوش الجديد لفرض الأمن في العراق، وجولة رايس، وإعدام صدام حسين، وقضية كتاب الدكتور محمد عمارة، ومعارك التعديلات الدستورية، وقد اضطررت لتأجيل الكثير منها ونتمني أن ننتهي من نشرها تباعا، مثل معركة كتاب صديقنا المفكر الاسلامي الكبير الدكتور محمد عمارة واعتذاره عما ورد فيه وقضية الإخوان المسلمين، والأقباط والدستور، واستمرار المعارك حول اعدام صدام حسين، ومعركة فضيحة أكياس الدم وهجمات ازعجتني رغم خوفي من موجة البرد، ضد رئيسنا، بارك الله فيه ورعاه، الي آخر الدعاء المستجاب ان شاء الله، وإلي شيء مما لدينا اليوم:فضيحة الأكياسونبدأ تقريرنا اليوم بفضيحة أكياس الدم الملوثة، حيث قامت المصري اليوم أول أمس ـ الاثنين ـ بتفجير مجموعة من الأسرار في تحقيقين الأول لزميلنا صابر مشهور وجاء فيه:وتبين المعلومات أن سرور ورد 10 ملايين فلتر للمستشفيات الحكومية، ورفض تعقيمها في الطاقة الذرية وحصلت المصري اليوم علي بعض المستندات من مصادرها داخل شركة هايدلينا تفيد بأن الشركة لم ترسل أي فلتر لتعقيمه داخل هيئة الطاقة الذرية منذ عام 1997 وحتي عام 2003 حيث أنتجت 10 ملايين فلتر اشترتها المستشفيات التابعة لوزارة الصحة واستخدمها المرضي.وأضافت المعلومات أن شركة هايدلينا تحتكر سوق فلاتر الغسيل الكلوي في مصر منذ سنوات بسبب نفوذ هاني سرور داخل الحزب الوطني حيث انه أحد أعضاء لجنة السياسات بالحزب ورئيس جمعية مستثمري مدينة 6 أكتوبر وأوضحت المصادر أن تعقيم الفلتر الواحد كان يكلف سرور مبلغ جنيه واحد عن كل فلتر، وأنه بذلك وفر 10 ملايين جنيه لصالح شركته، وأوضحت المصادر أن شركة هايدلينا كانت تكتفي بتعقيم الفلاتر التي تصدرها للخارج فقط وتمتنع عن تعقيم الفلاتر التي توردها إلي مستشفيات وزارة الصحة .والتحقيق الثاني كتبه زميلنا محمود محمد وجاء فيه: حصلت المصري اليوم علي صور من مستندات من تحقيقات النيابة العامة، تثبت قيام د. هاني سرور بسداد مصروفات عضوية نادي السادس من أكتوبر لبعض العاملين بإدارة التفتيش بوزارة الصحة ومنح آخرين مكافآت نظير خدماتهم، كما كشفت مستندات أخري صادرة من إدارة العقود والمشتريات بوزارة الصحة والسكان، أن أمر التوريد لشركة هايدلينا للصناعات الطبية المتطورة، قد صدر في 2 فبراير 2006 أي بعد اكتساب د. هاني سرور عضوية مجلس الشعب، وهو ما يتنافي مع مزاعم د. حمدي السيد، بأن التوريد تم قبل عضوية سرور بالمجلس .وإلي التعليقات في نفس العدد حيث خصص زميلنا وصديقنا مجدي مهنا عموده ـ في الممنوع ـ لمهاجمة صديقنا الدكتور حمدي السيد عضو مجلس الشعب ورئيس اللجنة الصحية ونقيب الأطباء بقوله: ما الذي جري للدكتور حمدي السيد نقيب الأطباء، رئيس اللجنة الصحية بمجلس الشعب؟ لقد عرفناه مدافعا عن الفقراء وعن الناس البسطاء وعن حق المواطن المصري في أن يحصل علي العلاج وعلي الدواء، وعرفناه مهاجما شرسا ضد كل إهمال أو تسيب أو انحراف في قطاع الصحة.اليوم نشاهد حمدي السيد يدافع عن الشركة التي أنتجت أكياس الدم الفاسدة، ويدافع عن أصحابها، وليته يقدم تبريرات مقنعة أو أسانيد قوية، لكنها كانت تبريرات واهية وأسانيد ضعيفة، ثم في حوار نشرته المصري اليوم منذ ثلاثة أيام يكيل أخطر الاتهامات إلي النائب حيدر بغدادي دون دليل، ما هذه القائمة الطويلة من الاتهامات التي تناقض بعضها وتكشف عن غرض في نفس الدكتور حمدي السيد.كيف يتهم زميلا له في البرلمان بمثل هذه الاتهامات المرسلة التي ليس عليها أي دليل ما هي هذه الحسابات؟ وما هي أسماء الشركات الأجنبية؟ وكيف عرف الدكتور حمدي السيد أن حيدر بغدادي تحركه أغراض خاصة ليست نابعة من حب الوطن أو المواطنين وهل ما تقوله أنت نابع من حب الوطن والمواطنين؟ وهل دفاعك عن صاحب شركة هايدلينا وعن الأخطاء في منتجه نابع من حب الوطن والمواطنين؟ ما هذا السقوط المروع للدكتور حمدي السيد؟ وما هذا الدفاع المتهافت؟ وما هذه الشجاعة في الباطل؟ حرام ما يفعله حمدي السيد بنفسه، فهو قيمة كبيرة نعتز بها، لكنه يسعي إلي تبديدها، لماذا؟ هذا هو السؤال الذي علي نقيب الأطباء أن يجيب عنه فهذا الانقلاب في شخصية حمدي السيد لا يرجع الي التقدم في العمر وكبر السن وحده! .وفي نفس العدد قال زميلنا بالجريدة محمود مسلم: الواقعة تؤكد، بما لا يدع مجالا للشك التداخل بين المال والسياسة وإذا كانت التعديلات الدستورية المطروحة ترفع شعار المواطنة وعدم خلط الدين بالسياسة فإنه يجب خلق حوار مواز حول تداخل رجال الأعمال في العمل السياسي ووضع حدود للفصل بينهما فإذا كان القانون يتعامل مع هذه الظهرة فإن الواقع يؤكد عدم تفعيل هذه المواجهة، تبقي نقطة أخيرة تعلق بدور الحزب الوطني في هذه القضية وبنظرة بسيطة نكتشف أن جميع أطراف الأزمة ينتمون لحزب الأغلبية سواء سرور التايواني صاحب الشركة المتهم وزميله ومحاميه د. حمدي السيد أو صاحب البيان العاجل النائب حيدر بغدادي وبالتالي يجب علي أصحاب نظرية المؤامرة أن يبتعدوا عن أي أسباب سياسية وراء الأزمة وليتأكدوا أن نفوذ المال أكبر بكثير من النفوذ السياسي أو الحزبي أما أعجب ما في سمعته فهو تبرير النائب رجب حميدة علي قناة الصفوة في برنامج الزميل جمال عنايت بأن القضية تم تهويلها للتغطية علي قضايا أخري مثل جريمة التوربيني وأطفال الشوارع وهو نفس التبرير الذي ساقه الكاتب الكبير فهمي هويدي في مقاله الممنوع ب الأهرام والذي نشرته جماعة الإخوان المسلمين علي موقعها الالكتروني عند حديثه عن تصعيد أزمة ميليشيات طلاب جامعة الأزهر لذا أطالب الصحف بأن تكف عن إثارة أي أزمات أو قضايا تهم الناس حتي يتم حل مشكلة التوربيني، حتي يرتاح حميدة وهويدي وحمدي السيد!! .الساخرون والأكياسوإلي الساخرين وفضيحة الأكياس، وما تبقي مما قاله زميلنا محمد الرفاعي، كاتب صوت الأمة الساخر والمتألق، في بابه ـ يوميات مواطن مفروس ـ لا تتوقف إنجازات الحزب الحاكم حتي صار الوطن مجرد جثة يتنازعها الحانوتية والترابية، من أول انجازات العبارة العام الماضي، بتاعة الأخ ممدوح إسماعيل عضو مجلس الشوري بالتعيين، يعني اللي عينه الريس مافيش حد انتخبه، عشان ما يقولوش العيب فينا وصديق الأخ زكريا عزمي صاحب ثورة الحجاب في مجلس الشعب، والتي راح ضحيتها ألف مواطن مصري في لحظة واحدة، وطبعا هرب فورا ومحدش يسأل مين اللي هربه؟! هو شاطر وهرب لوحده ياعالم عاوزة جنازة، وتشبع فيها لطم، وبلاش حكاية أنفلونزا الفراخ، عشان ما يقولوش علينا بنرمي قفة البلاوي في وش الحكومة السمح، عشان يعني نشوهه، وخلينا في انجاز الواد التوربيني اللي فضل 15 سنة يقتل في العيال، بتفويض من المجلس القومي للطفولة، ووزارة الداخلية ملخومة في المظاهرات اللي كل شوية تطلع في حته، وكأن العيال الصيع بتلعب معاهم استغماية، وما كاد العام الجديد يبدأ حتي بدأت الصحافة تتناقل أخبار أحدث انجاز للحزب ورجاله، وهو توريد 40 ألف كيس دم ملوث، من شركة الأخ هاني سرور وكيل اللجنة الاقتصادية بمجلس الشعب، الي وزارة الصحة وبدأ كل واحد يرمي الانجاز علي جتة أخوه، واحد يقولك احنا مالنا، المصريين ما بقاش عندهم دم، والشوية الجبلات اللي عندهم تلاقيه مليان بلاوي سودة، والتاني يقولك، الأكياس سليمة بدليل أننا حطينا فيها قبل كده عينات بول، وفضلت العينات سليمة والثالث يقولك ده شعب جبله كله حمير وكلاب وما حصلوش أي حاجة، هايرمي بلاه بقي علي الدم الملوث!! ويا أيها الحزب الوطني أبو انجاز ورا إنجاز، سايقين عليك النبي ياشيخ تخلي الإنجازات ليكم، مش عاوزين من خلقتكم حاجة يعني كل واحد فيكم يشيل إنجازه لنفسه وعيلته وصحابه .ونترك إنجاز وراء إنجاز لنتحول إلي كاتبنا الساخر الكبير أحمد رجب وقوله يوم الاثنين في بابه ـ نص كلمة بـ الأخبار : مع فضيحة أكياس الدم الملوثة تأكد أن النائب هاني سرور يتعامل تجاريا مع الحكومة الأمر الذي لا يجيزه الدستور لأعضاء المجلس، ولم يتخذ المجلس أي قرار جزائي لهذه المخالفة، ربما لأن تعامل أي عضو مع الحكومة شيء عادي يحدث كل يوم، وربما لأن د. فتحي سرور لا يحب الأذية، وربما لأن النائب حزب الوطني والوطني حظه قليل في بعض أعضائه كنواب الكيف ونواب القروض، إلخ، ويقال إن سبب هذا الحظ القليل عمل معمول للحزب الوطني بالعكوسات والحنجل والمنجل .الرئيس مباركوإلي رئيسنا، بارك الله فيه ورعاه، إلي آخر الدعاء المستجاب إن شاء الله، رغم أنوف النفاثين وأصحاب الأعمال السفلية والعكوسات، وللأسف قرر رئيس تحرير العربي عبدالله السناوي، بدون زميلنا وصديقنا الانضمام إليهم، طبعا، كيف استمر في اعتباره هكذا وقد قال قولا أغضبني من عينة: عندما أوشك الرئيس مبارك علي زيارة مؤسسة عتيدة أصدرت جهات نافذة مقربة من الرئاسة تعليمات مشددة للمسؤولين الكبار في هذه المؤسسة تقضي بألا يبادر أحد من مستقبلي الرئيس بطرح سؤال حول قضية حساسة أو دعوة الرئيس لإبداء رأيه فيها، وأن يمضي الحوار مع النخبة المختارة بالطريقة التي يختارها الرئيس، وفي الموضوعات التي يحددها، وأن يتحدث فيما يشاء، دون استفسار من أحد علي بعض جوانب ما يقول، وبدا ـ بمنطق التعليمات ـ أن الهدف منها هو عدم إزعاج الرئيس ! وهذا منطق سياسي خطير في دلالاته ونتائجه علي مستوي إدارة الدولة المصرية، ومتابعة المستجات في البلد والمنطقة والعالم فمن واجب الرئاسة في بلد محوري مثل مصر أن تتابع وبالتفاصيل، ما يجري فيها ومن حولها، وأن تستمع الي وجهات نظر أخري في مجريات السياسة المصرية.وجرت العادة ـ في كثير من اللقاءات مع رئيس الجمهورية ـ بنصح الضيوف من المصريين وكبار المسؤولين ألا يطرحوا علي الرئيس ما قد يزعجه، والرئيس مبارك ـ عادة ـ يفضل الحديث علي سجيته في الاجتماعات المغلقة، وعندما يفتقد إلي المعلومات الرئيسية أو تحجب عنه، يجد نفسه يتحدث عن انطباعات عامة لآقل من أن توصف بالرؤي السياسية في إدارة الدولة، ويجري في بعض الأحيان التراجع عنها لما تسببه من ارتباكات للسياسة المصرية في محيطها الاقليمي والدولي، مثل تصريحاته عن الشيعة في العراق ونصيحته للرئيس الروسي بوتين بتمرير رئاسته وتعديل الدستور لذلك الغرض.وفي بعض اللقاءات مع قادة دول يلجأ الرئيس مبارك الي الصمت مكتفيا بالتقاط الصور، تاركا لبعض معاونيه مهمة الحديث عن السياسة المصرية ومواقفها.وهذه كلها من تداعيات سياسة عدم إزعاج الرئيس وقد يقال ان حاجة الرئيس للراحة بعد الوعكات الصحية التي انتابته في السنوات الأخيرة من وراء هذه السياسة ولا يعارض أحد في حق رئيس الجمهورية في الراحة والعلاج وعندما طلب من المسؤولين الكبار في المؤسسة الإعلامية العتيدة التي زارها الرئيس مؤخرا اتخاذ ما يلزم حتي لا يضطر الرئيس الي صعود سلالم، فإن هذا أمر طبيعي له مقتضياته التي نحترمها، غير أن مثل تلك الأحوال تستدعي من رئيس الجمهورية وفق القسم الدستوري أن يتخذ الاجراءات الكفيلة بالحفاظ علي استقرار البلاد وضمان انتقال السلطة فيها بعده ـ أطال الله في عمره، كأن يعين نائبا لرئيس الجمهورية أو يتبني خطة واسعة ومقنعة لإصلاح دستوري شامل، غير تلك التعديلات الدستورية المزمع الاستفتاء عليها يوم 7 إبريل المقبل، فالتعديلات بالطريقة التي أعلن عنها، وبنصوصها الجديدة، أقرب الي التهريج الدستوري وتحيل دستور 1971 إلي مسخ يستحق بالضرورة تعديل التعديل مرة أخري .وليته اكتفي بما قال، وانما سمح لمن لا أود معرفته وهو سعيد السويركي ـ المسؤول عن التحرير المركزي بالجريدة لأن يقول في عمود له عنوان هو ـ بالصدفة ـ يريد الرئيس حسني مبارك الاستمرار في حكم مصر إلي ما لا نهاية ليس فقط في حياته بل يرغب في تحديد من سيخلفه في حكم البلاد، لأنه الرئيس الأوحد والحكيم الأوحد والصالح الأوحد لتولي المنصب الرئاسي الرفيع وبالتالي فمهمة اختيار من يحكمنا تقع علي عاتقه الي أن يقضي الله أمرا كان مفعولا، وكأن مصر أصيبت بالعقم ولم يعد هناك من يصلح لقيادة البلاد سوي من ينتهي اسمه بلقب العائلة مبارك ولا فرق إن كان اسمه جمال أو هيثم أو محمد آخر يذيقوننا من العذاب ألوانا وأشكالا استكمالا لمسيرة الديمقراطي الأول حسني مبارك الذي نجح في إصابة البلاد بحالة من العقم واللا مبالاة بفضل حكمته ورؤيته الثاقبة التي جعلت قطر أهم دورا من مصر ودبي أكثر شهرة من القاهرة!! وقناة الجزيرة أفضل مئات المرات من تليفزيون الريالة العظيم الذي يضم مجموعة من المعاتيه الأكثر عظمة! ولهذا يسعي الرئيس وبقية الجوقة في الحزب الديمقراطي ووسائل الإعلام التي يحتلها عيال رقيعة علي استعداد لبيع اللي خلفوهم بجوز جنيهات ! إلي ترديد نغمة أن موقع الرئيس قد أعد خصيصا لآل مبارك الذين نجحوا في قيادة البلاد إلي الهاوية وأذلوا البلاد والعباد وتركوا مصر نهبا لحفنة لصوص من رجال الأعمال الوحشة الذين يتصدرون الساحة السياسية والاقتصادية فيما تحاصر الأحزاب ويمنع ظهور أي أصوات لديها طول نفس وقادرة علي الاستمرار في قول لا للرئيس وولده.معارك القضاةوإلي معارك القضاة التي بدأت تعود، لسببين الأول التعديلات الدستورية التي طلب الرئيس مبارك ادخالها علي 34 مادة، وما ينشر عن تقليص الإشراف القضائي علي الانتخابات والثاني بسبب قرار وزير العدل تعيين قاضيات، وقد نشرت صوت الأمة حديثا للمستشار زكريا عبدالعزيز رئيس نادي القضاة أجرته معه زميلتنا هدي أبو بكر، قال فيه بعد الإعلان عن أسماء الدفعة الأولي للقاضيات اللاتي سيتم تعيينهن في محاكم الأسرة ثبت أن ملاحظات القضاة الإصلاحيين كانت في محلها وأن مخاوفهم حقيقية، فالأسماء التي أعلن عنها كلها لكريمات مستشارين ومسؤولين بسلك القضاة تربطهم صلات قرابة بوزير العدل المستشار ممدوح مرعي ومن بينهم أيضا ابنة المستشار عدلي حسين محافظ القليوبية وابنة المستشار فاروق شحاته نائب رئيس هيئة النيابة الإدارية السابق.المستشار زكريا عبدالعزيز رئيس نادي القضاة شن في تصريحات خاصة لـ صوت الأمة وفي أول رد فعل للنادي علي الأسماء المرشحة للتعيين كقاضيات بمحاكم الأسرة هجوما عنيفا علي المستشار ممدوح مرعي وزير العدل والمستشار مقبل شاكر رئيس مجلس القضاء الأعلي واصفا اختيارهما لأسماء القاضيات السبع بأنه ضربة في مقتل لقضية تعيين المرأة في القضاء وأنه لا يمثل فقط اعتداء علي حقوق الآخرين لكنه اغتيال لمصداقية وشفافية مجلس القضاء الأعلي والعمل الذي يقوم به.وقال إن الإعلان عن اختيار أسماء للعمل كقاضيات دون قواعد معلنة مسبقة هو استمرار من مجلس القضاء الأعلي في سياساته التي يتبعها في التعيين والتي وصمها وزير العدل بنفسه في تصريحاته بأنها مهزلة واعتبر المستشار زكريا عبدالعزيز ما يجري من المجلس بأنه اعتداء علي العمل القضائي ككل لأنه يفقد الناس الثقة في القضاء ويؤدي الي احباط الشباب كله فحين تنشر هذه الأسماء فجأة ودون أي اختبارات أو ضوابط في الاختيار فإن أقل شيء يمكن أن تقوله باقي الخريجات بأنها محجوزة مسبقا لهم !!وأضاف عبدالعزيز خلال الجمعية العمومية الأخيرة للقضـــاة ناشدت مجلس القضاء الأعلي بالكـــــشف عن الدراسات والقواعد والضوابط التي أعددها لتعيين المرأة في القضاء حيث اننا نشـــــــكو من عدم توافر هذه الضوابط عند تعـــــيين الشباب في النيابة العامة وهو ما حرفه البعض بعد ذلك بأن نادي القضاة ضد تعيين المرأة قاضية وشنت حملة لتشويه النادي في هذا الصدد، واليوم ومع الاعلان عن هذه الأسماء فالمهزلة مازالت مستمرة ومجلس القضاء لم يضع شروطا أو ضوابط للاختيار بدليل انه اختار الأسماء من أبناء المستشارين.وقال المستشار زكريا عبدالعزيز ما ذكرته في الجمعية العمومية كنا نطالب به منذ زمن طويل ولم يكن المقصود به أننا ضد عمل المرأة قاضية كما قيل ولكن كان المقصود معرفة المعايير التي سيتم الاختيار علي أساسها .أما زميلنا وصديقنا اسماعيل منتصر رئيس تحرير مجلة أكتوبر فقد اختار في بابه ـ هواء الأفكار ـ مناقشة الإشراف القضائي علي الانتخابات، بقوله: هل تحتاج المادة 88 إلي تعديل؟! أعتمد في الإجابة عن هذا السؤال إلي الرجوع لوقائع الانتخابات البرلمانية الأخيرة والتي تفجر فيها الخلاف بين الحكومة وبعض القضاة بشكل حاد، في هذه الانتخابات تعرض القضاة لما لم يتعرضوا له علي امتداد الانتخابات التي أشرفوا عليها، وأتذكر أنني سمعت أحد القضاة يتحدث الي قناة الجزيرة الفضائية ويؤكد أن أربعة قضاة ممن يشرفون علي الانتخابات تعرضوا للضرب ويذكرهم بالاسم ويذكر اللجان التي شهدت واقعة تعرضهم للاعتداء.معركة شيرينوإلي معركة الفنانة والزوجة السابقة للمطرب والفنان عمرو دياب، شيرين رضا، وقضيتها، التي قال عنها زميلنا محمد نور بجريدة الغد لسان حال حزب الغد، مجموعة زميلنا أيمن نور: هل أحد مازال يذكر اعتراف رئيس وزراء مصر بتلفيق قضية دعارة لحنان ترك ووفاء عامر؟ هل سأل نفسه ماذا لو كانت هذه السيدة أو تلك أخته أو بنته أو أمه!!فتحركت الأجهزة علي أتم وأكمل وجه إعمالا لمبدأ سيادة القانون لتحرير الواقعة وتسجيل زيارة السيدة وصديقها لقريب زوجها الذي هو في عمر ابنتها!!اصفر وجه العدالة واحمرت فجأة عين القانون، المعصوبة التي لا تفرق بين شيرين رضا وممدوح إسماعيل فشيرين رضا أغرقت خيال رجال الضبط والربط والسيادة في احتمالات وشكوك وظنون وخيالات مريضة بينما أغرق ممدوح إسماعيل ألفا من البسطاء الفقراء في مياه نقية طهرتهم من دنس الدنيا ووسخ الضمائر المريضة والنفوس المعتلة، ممدوح إسماعيل لم ترق جريمته لأن يستوقفه رجال الضبط والربط ممن استثارهم موقف شيرين رضا فاستوقفوها وأحالوها للنيابة التي أفرجت عنها فلم تروق الفكرة لأصحاب الهمة وقادة المهمة، فسربوا الخبر للصحف في صباح اليوم التالي بنشر عرض السيدة، لاحتمال ـ مجرد احتمال ـ مصدره مجرد خيال يعاقب عليه الشرع والقانون!! لكنه العناد والمكابرة.طبعا لو كانت الست شيرين من ذلك الصنف الطروب واللعوب ما كنا سمعنا خبرا عن الواقعة الساذجة.منذ أعوام ليست بالبعيدة طالعتنا مجلة قومية بحوار دار بين رئيس الوزراء ـ وقت ذاك ـ الدكتور كمال الجنزوري ورئيس تحرير هذه المجلة سأله فيه رئيس التحرير عن حكاية القضية التي اتهمت فيها الفنانة المحترمة حنان ترك والفنانة وفاء عامر، بكل بساطة وتلقائية أجاب رئيس الوزراء قائلا: لقد علمت أن القضية ملفقة وقد أمرت بالإفراج عنهما ومحاسبة المسؤول وإلغاء ما اتخذ من إجراءات!!كم كان شريفا الجنزوري عندما اعترف بالحقيقة ودفع هذه الوصمة عن سمعة وشرف سيدتين هما في النهاية في عمر بناته لكننا كنا نريد أن نعرف منه تفاصيل أكثر عن ذلك الذي لفق القضية وما العقوبة التي أنزلت عليه في الدنيا فعقوبة الآخرة يعلمها كل من يقرأ كتاب الله ويعرف جرم قذف المحصنات .أما رواية زميلنا وصديقنا كرم جبر رئيس مجلس إدارة مؤسسة روزاليوسف ، فكانت كالتالي في مجلة روزاليوسف : شيرين رضا لم تدخل فندق سميراميس في الحادية عشرة صباحا لتصفيف شعرها كما زعمت، كانت الساعة هي الواحدة و55 دقيقة صباحا، ووفقا لدفتر تسجيل السيارات بالفندق فقد كانت تقود بنفسها السيارة رقم 250615 ملاكي اسكندرية ماركة بيجو 307، في الساعة الثانية و55 فجرا طلب الضيف العربي المقيم في الجناح 755 مشروبا وثلاثة كاسات ووقع بنفسه علي الشيك رقم 3261 وفي الساعة الرابعة و35 فجرا تكرر نفس الطلب ووقع بنفسه علي الشيك رقم 3303 وفي الساعة السابعة و15 دقيقة صباحا طلب إفطارا لثلاثة أشخاص ووقع بنفسه علي الشيك 3391.إلي هنا كانت الأمور تسير بلا مشاكل دون تدخل من أحد، إلي أن اتصلت شيرين بنفسها بإدارة الفندق تطلب إصلاح التكييف في الجناح 755، وصعد عمال الصيانة ومعهم ضابط أمن للاطمئنان علي إصلاح العطل، وكانت الساعة هي الحادية عشرة قبل الظهر، بعد نزولهم تقدم مسؤول الأمن بالفندق ببلاغ إلي ضابط السياحة يطلبون فيه نزول سيدتين من الجناح هما شيرين رضا وسارة إبراهيم نجم مصرية لها جنسية كندية طالبة بالجامعة الأمريكية، وبهدوء شديد اتصل ضباط الأمن بالجناح وطلبوا من النزيل السماح بنزول السيدتين بناء علي البلاغ المقدم من الفندق.كانت ردود النزيل العربي عنيفة وغاضبة وهدد وتوعد وأقسم أنه لن يسمح بنزول أحد من جناحه وتعقدت الأمور بشكل كبير وقبل أن يتأزم الموقف أكثر وأكثر نزلت شيرين وصديقتها إلي اللوبي وقالت إنها لا تريد أن تعمل مشكلة، واصطحبها ضابط شرطة السياحة بالفندق لتحرير محضر بالواقعة، وتم تحويلها وصديقتها إلي النيابة وتم الإفراج عنهما بضمان محل الإقامة.هذه هي المعلومات الموثقة التي حصلت عليها من مصدر أمني كبير عندما سألته عن سبب تورط الأمن في مثل هذه القضايا فأكد أن تعليمات وزير الداخـلية في هـــذا الشأن جازمة وقاطعة وهي ضرورة التعامل بدقة وحذر وأن تتحري أجهزة الأمن أقصي درجات الحيطة وأن يتم الإعلان عنها عن طريق الوزارة وليس عن طريق شرطة السياحة ولا الأقسام المختلفة ولا شرطة الآداب. انتهت القصة الحقيقية لما حدث في الجناح 755 بفندق سميراميس انتركونتننتال والتي أصبحت الشغل الشاغل لوسائل الإعلام، لكن هناك بعض الملاحظات.أولا:إساءة التغطية الإعلامية المكثفة لهذه القضية كثيرا لنا كمصريين والدليل علي ذلك هو السعودي الذي تحدث هاتفيا لعمرو أديب في الأوربت بعد أن استمع لدموع وآهات شيرين رضا، وأقسم أنه لن يزور مصر بعد ذلك لأن سلطات الأمن تنتهك سمعة السائحين وتعاملهم بهذا الشكل المهين.ثانيا: أصبحت الفضائح الجنسية هي المادة المفضلة لدي الفضائيات سواء في قضية شيرين رضا أو فيما يذاع عن كليبات التعذيب التي أخذت هي الأخري بعدا آخر أكبر من حجمها بكثير.ثالثا: حل الإعلام محل جهات التحقيق، وأصبح هو الذي يحقق القضايا ويعبيء الرأي العام ويؤثر علي الشرطة والنيابة والقضاة.. .معارك الإعداموأخيرا إلي معارك إعدام صدام حسين، والرسالة التي نشرتها العربي للكاتب والسيناريست، أسامة أنور عكاشة وأبدي اندهاشه من تورط ناصريين في تشبيه صدام بخالد الذكر واعتباره شهيدا، ونسيان ما قام به. ضد الشعب العراقي، والأمة العربية بقوله: وكان بإمكاني أن أكتفي بالفرجة، وألتمس العذر لمن تملكهم الهياج الانفعالي تحت تأثير صدمة المشهد السوقي الجارح لإعدام الرجل صبيحة يوم العيد، لولا أن انهالت التعليقات والكتابات الصحافية المتشنجة والصيحات والهتافات من حناجر محترفي التهييج والتحريض الغوغائي، وللأسف كان بعض متصدريها ممن ينتمون تنظيميا للتيار الناصري، أو من عدوا دائما من الفصيل المنضوي تحت لواء الأفكار والادبيات الناصرية، وانزلق بعضهم ـ ربما تحت تأثير الحماسة أو الخضوع لمشاعر القطيع إلي درجة تشبيه صدام حسين بجمال عبدالناصر مشايعين للزعم الذي كان صدام نفسه والبعثيون من رفاقه هم أول من روج له، حين ادعي الناصرية في بدايات رحلته وتخطيطه للصعود ثم لم يلبث أن عرض نفسه كوريث للزعامة الناصرية التي كانت تقود العالم العربي بأسره متوهما أنه يستطيع ملء الفراغ العملاق بمجرد الادعاء وإطلاق الألقاب الفخيمة من قبيل الزعيم الأوحد والزعيم الضرورة وقائد النشامي، وكبير الأشاوس، وحارس البوابة الشرقية وصاحب القادسية الجديدة ونعلم جميعا إلي أي شيء أدت هذه الادعـــاءات والفرقعـــات اللفظية بدءا من شن الحرب علي إيران، واحتلال الكويت وجلب الأمريكان وجيــــوش التحالف في عاصفة الصحراء، ثم تجـــــويع أطفال العراق وفي نفس الوقت بناء القصور الرئاسية واستمطار اللعنات من السماء علي الأمريكان، ثم تمهيد الطريق للغزو الأمريكي المباشر والفرار من بغداد وتركها مفتوحة ليدخـــلها الغزاة دون طلقة مقاومة واحدة، ويجيء بعد هذا من يذرف دموع عبدالناصر علي قبر صدام حسين، وياللعار!..أهكذا تحيون ذكري جمال عبدالناصر بتشبيهه بصدام؟ ثم تدعون بعدها أنكم ناصريون أو أوفياء لنهج عبدالناصر. نتساءل ما هي أوجه الشبه بين الرجلين؟هل قاد عبدالناصر حربا ضد جار مسلم؟ هل احتل ليبيا أو السودان مثلا؟، هل اضطهد أي مصري يختلف طائفيا أو دبر مذابح للأقباط أو أهل النوبة؟ هل أطلق عبدالناصر الغازات السامة علي مواطنيه؟، هل هناك في سجل الحكم الناصري أسماء مذابح كالتي جرت في البصرة جنوبا أو في حلبجة شمالا؟ وكم قصرا بني عبدالناصر لنفسه؟، وأعلم أن عقد المقارنة في حد ذاته خطأ جسيم في زمن تردي فيه العرب إلي أعمق هوة يتمناها لهم أعداؤهم، ولكني أردت فقط أن ألفت أنظار السادة الذين يحترمون جمال عبدالناصر وهم كل المصريين: من أحبه ومن عارضه ـ أن المسافة التي تفصل بين عبدالناصر وبين صدام أبعد كثيرا من المسافة التي تفصل بين الكواكب في المجموعة الشمسية، وأنا لا أريد أن ألوم من أحزنه إعدام صدام أو أنكر عليه حقه في البكاء والعويل، وأري أن من حقه أن يتلو قصائد الرثاء المطولة في مأتمه، فقد يخضع التاريخ السياسي لأي حاكم للاختلاف عليه، ولكن أن نسوي بين الثائر والسفاح هذا نوع من التضليل أو التغرير واستغلال عواطف البسطاء لتزوير وعيهم .لكن كان في انتظاره في نفس العدد صديقنا المحامي وعضو المكتب السياسي لحزبنا العربي الديمقراطي الناصري الذي لم أعد عضوا في لجنته المركزية ـ ليقول في عموده ـ دنيا ـ فات علي الإنسانية أن تعايش تجربة نبيلة لفارس استطاع أن يواجه الموت بكل هذه الجسارة والصمود، وأن يقهر تجاره وصناعه ويفسد عليهم عرسهم الذي أقاموه ظنا أن إعدامه سوف يكون الستارة السوداء التي تجلل تاريخه، كانت البشرية في حاجة إلي صدام حسين نفسه ليروي قصة اللحظات والساعات والأيام والشهور التي واجه فيها الموت وايضا خلف محاكمة هزلية ثم موثقا في ورقة مهلهلة صادرة عن هذه المحاكمة، ومجسدا ـ في النهاية ـ في صورة حبل المشنقة المنصوبة في ساعات الفجر يوم عيد الأضحي، كانت البشرية في حاجة لمعرفة كيف وصلت الأعماق الباطنية للفارس إلي هذا القدر من الثراء والامتلاء فجعلته ـ علي حد وصف أحد علماء النفس ـ ينفصل عن جسده بالكلية ويندمج في فكرة ومعني كونه شهيدا لأمته وفداء لها في فجر يوم عيد أضحاها، لكن الفارس مضي نموذجا للشعراء والفرسان الحالمين ـ وبقي مشهده ليلهم الأساطير والملاحم التي يصيغها وجدان الشعوب ويدفع بها في تيار الزمن المتدفق .
No comments:
Post a Comment