بقلم حسنين كروم ١٠/١/٢٠٠٧
من عجائب ما يحدث في العراق ومنطقة الخليج أن أمريكا وعدداً من دول الخليج العربية هي التي قامت لا بتصدير الثورة الإيرانية إلي العراق، كما كان مفجرها الإمام الخوميني - عليه رحمة الله - يدعو ويعمل - وإنما بخضوع العراق للحكم الإيراني، باستثناء الشمال الكردي، ومزقوه نيابة عن إيران، وأشاعوا فيه الاقتتال الطائفي بين السنة والشيعة، وقطعوا نصف الطريق نحو إنهاء وجوده كدولة موحدة، فلولا دعمهم للغزو الأمريكي - البريطاني، وتقديم كل التسهيلات له، لما حدث ما يحدث الآن،
ولولا أحقادهم السياسية علي النظام العراقي ورئيسه صدام حسين والرغبة في الثأر منه، لكانت الأوضاع غير ما هي عليه، إذ كان بإمكانهم البحث عن وسائل أخري لإسقاطه، والصبر عليها مادامت هذه رغبتهم لكنه العمي السياسي الذي لا يري صاحبه أمامه، والخضوع المشين لأمريكا.
ولسوف ينتقل الصراع الطائفي بين الشيعة والسنة العرب إلي هذه الدول. بعد أن أوجدوه في العراق بمساعدة أمريكية بينما لم يكن له وجود من قبل.والمقارنات بين الواقع الحالي وما كان عليه تكشف الحقائق فعدد الأعضاء الشيعة بين الخمسة والخمسين من القياديين البعثيين الذين طلبت القيادة الأمريكية القبض عليهم بعد دخول بغداد حوالي ٣٢ وإياد علاوي البعثي السابق الشيعي
والذي جاء مع قوات الغزو وعين رئيساً للوزراء، قال في حديث منذ شهور في قناة «ال.بي. سي» اللبنانية مع مقدم البرامج العراقي ماجد السامرائي، وهو سني وبعثي سابق: إن عدد أعضاء حزب البعث كانوا حوالي مليون ومائتي ألف من بينهم ما لا يقل عن تسعمائة ألف شيعي، هذا بالإضافة لأعضاء قياديين مسيحيين مثل طارق عزيز، الذي تقلد وزارتي الخارجية والإعلام عدة مرات، والآن لا يوجد عضو سني في الأحزاب الشيعية الرئيسية الثلاثة المشاركة في الحكم وهي الدعوة بزعامة إبراهيم الجعفري - ورئيس الوزراء نوري المالكي عضو فيه والمجلس الأعلي للثورة الإسلامية بزعامة عبدالعزيز الحكيم والتيار الصدري بزعامة مقتدي الصدر،
بالإضافة لعدم وجود أعضاء مسيحيين أو من القوميات الأخري كالتركمان والإخوان المسلمين الذين يمثلهم الحزب الإسلامي بزعامة محسن عبد الحميد. لا يوجد فيه عضو شيعي أو مسيحي وهو متحالف مع الأحزاب الشيعية، ودخل معها بغداد فوق الدبابات الأمريكية أي أن هناك تحالفاً طائفياً شيعياً - إخوان مسلمين وعناصر سنية أخري.
والمقارنة الثانية بين ما كان وما هو حادث الآن، أكثر فظاعة. العهد السابق كان الشيعة والسنة متجاورين في السكن ويتزوج بعضهم من البعض، وفي الوظائف والعمل في أجهزة الدولة الحساسة كالجيش والشرطة والأمن وفي ميليشيات الحزب منذ أن تأسس الحرس القومي، وظهر عام ١٩٦٣، لأن الولاء كان لحزب البعث وكان محظوراً علي غيره أن يعمل في الجيش والأمن سواء كان سنياً أو شيعياً أو مسيحياً أو تركمانياً، والاضطهاد والاعتقال بل والاغتيال كان يحدث للمعارض أيا كانت طائفته، حتي لو كان بعثياً، أما الآن فالشرطة والجيش كلها من الشيعة وتتبع أحزابها وتحولت إلي عصابات لقتل السنة، وتقوم بعمليات تطهير لهم لإجلائهم عن المناطق التي يتداخلون فيها مع الشيعة،
ويتم إجبار الشيعي علي تطليق زوجته السنية، والسني يطلق زوجته الشيعية، والقتل في الشوارع يتم علي الأسماء من كان اسمه عمر أو أبوبكر أو عثمان أو خالد أو عمرو أو معاوية يقتلونه ويتم هدم مساجد السنة وقتل المصلين فيها، وحرق نسخ القرآن الموجودة داخلها بفعل الحرائق، والمتطرفون السنة يهاجمون مساجد الشيعة وحسينياتهم ويدمرونها ويضربون مناطق تجمعاتهم، وجاء بعضهم من الخارج وتوجهت ولاءات الأحزاب الشيعية نحو إيران، والمتطرفون السنة أعلنوا قيام إمارتهم الإسلامية،
وحزبا الدعوة والمجلس الأعلي للثورة الإسلامية يطالبان بحكم ذاتي للمناطق ذات الأغلبية الشيعية أي علي أساس المذهب، لا القومية كما هو الحال بالنسبة للأكراد وهو ما يعني دولة مستقلة سترتبط بإيران والمخابرات الإيرانية تعمل بكثافة، وتم الدفع بعشرات الآلاف منهم للعراق تحت غطاء أنهم من العراقيين من أصول إيرانية الذين طردهم صدام وإذا سار المخطط بنفس النجاح،
فالخطوة القادمة ستكون نحو المنطقة الشرقية للسعودية، حيث يتركز الشيعة وهم يشتكون من مظاهر تفرقة ضدهم ولدي فرق من الشيعة المتطرفين ما يعتبرونه ثأراً تاريخيا مع الوهابيين الذي يكفرونهم الآن وكانوا يشنون الغارات في القرن التاسع عشر علي مدنهم المقدسة في العراق ويهدمون قبور أئمتهم، ولا أريد التوسع في سرد الأدلة والوقائع لكن الذي أود التأكيد عليه هو ضرورة العودة للتمسك بالعروبة وإحياء الدعوة للوحدة العربية، لتكون لها الأولوية علي المذاهب الدينية وعلي اختلاف الأديان كما كانت ليعود التماسك الوطني لكل دولة والقومي للعالم العربي،
وهو ما يتطلب وقف الحملات التي تتسم بالتعصب والغباء ضد أشقائنا الشيعة ككل، وتحويلها إلي الفرق العميلة لإيران وأمريكا، مع كشف عمالة القوي السنية لأمريكا وأن تقوم الأنظمة العربية كلها، وجميع الأحزاب والنقابات فيها بفتح خطوط اتصال لا نهاية لها مع أشقائنا الشيعة العراقيين غير المتعصبين والمؤمنين بالعروبة ودعمهم بكل السبل ليتم تحجيم المتعصبين وعملاء إيران وأمريكا، إننا نحتاج إلي أكثر من حسن نصرالله عراقي لدعمه.
شيعي ملتزم بمذهبه وبوطنه وعروبته وندد أول أيام غزو العراق بالشيعة المتحالفين مع أمريكا ولا يزال ونتمني أن يظهر قادة سنة ينددون بعمالة وخيانة بعض السنة أيضاً وأعتقد أن السعودية بدأت محاولة مشكورة بفتح قناة مع حزب الله بدعوتها نائب الأمين العام نعيم قاسم لزيارتها والتباحث معه وهو ما تم فعلاً.
No comments:
Post a Comment