Sunday, January 21, 2007

غريزة أساسية


بقلم عاطف حزين ٢١/١/٢٠٠٧
سألت أحد أصدقائي الأقباط: إيه رأيك في حكاية المواطنة، وإيه مدي سناء شعبكم القبطي عليها؟ لم يجبني صديقي.. اكتفي بنظرة ساخرة ثم قال لي: يا أخي أنا مندهش من غباء الذين يبحثون عن وصفات النجاح الجاهزة بدلاً من إرهاق أنفسهم قليلاً بالبحث عن شيء جديد وتجربة جديدة تتوافق مع المرحلة العمرية المتقدمة التي بلغوها.
لم أفهم شيئاً مما تحدث به صديقي، فسألته: وما علاقة المواطنة بالكلام الكبير الذي تقوله؟ نظر إلي نفس النظرة التي اتهمتني هذه المرة بالغباء وقال: أنا باتكلم عن شارون ستون في فيلمها الجديد «غريزة أساسية ٢» يا خسارة.. رميت ١٥ جنيهاً ثمن التذكرة في البحر.
قلت له: ولكنني لم أسألك عن شارون ستون يا خواجة.. انت فاكر إني باستدرجك لكلام موش علي هواك؟ صدقني أنا هدفي الأساسي هو معرفة الفرق بين المواطنة التي يبشروننا بها، وتحالف قوي الشعب التي أصبحت رجساً من عمل الشيطان، إذا كنت موش فاهم زي حالاتي، قول كده علشان أدور علي حد فاهم.
وهنا قال صديقي: إبقي قابلني لو لقيته، اللي مضايقني في المسألة إن «الولية» لسه فاكرة نفسها صاروخ مثير للغرائز، واضح إن ما حدش فهم إنها أصبحت مثيرة للشفقة.هي مين اللي مثيرة للشفقة؟
شارون ستون.. هو في حد غيرها ممكن يثير الشفقة؟ هكذا سألني بكل بجاحة فأجبته بكل إصرار: أيوه في.. إحنا.. بلدنا.. حاضرنا ومستقبلنا، يا عم خد الـ١٥ جنيه لو كانوا «حارقينك» واصحي معايا وانسي شارون ستون شوية.فقال لي: وتفتكر في فرق بين مقلب شارون ستون والتعديلات الدستورية التي وافق عليها مجلس الشعب؟ صدقني هي هي.. والمسيح الحي هي هي، الذين أنتجوا الجزء الثاني من غريزة أساسية مازالوا متوهمين أن حتة فخد أو حتة صدر من واحدة فوق الخمسين يمكن أن تثير هياجنا، والذين استبدلوا تحالف قوي الشعب بالمواطنة، وحالة الطوارئ بقانون خاص للإرهاب، وبقية المواد التي لن تفطرنا أو تغدينا أو تعشينا أو حتي تشربنا شوية ميه، مازالوا متوهمين أن الشعب المصري لسه بيرضع، مع إننا اتفطمنا من زمان، من زمان قوي يا عم الحاج.
يااه.. دانت شايل جواك وزاعق.. وتقول لي شارون ستون.. العب غيرها يا مناضل يا كبير.قال لي: ولا مناضل ولا كبير.. أنا واحد موقعه من الإعراب معروف: مفعول به، زيك تماماً مفيش فرق، الفرق الوحيد بيني وبينك باستثناء أنك مسلم وأنا قبطي، هو أنك متفائل بدون مناسبة وأنا متشائم لأسباب كثيرة.طيب قل لي سبب واحد يخليك متشائم؟
ما قلت لك بس انت موش واخد بالك من إن حكاية شارون ستون هي في الواقع حكاية استغفالنا واشغالنا بشيء لا هايودي ولا هيجيب، عاوز تفهم حكاية المواطنة، أقول لك باختصار شديد إنها نوع من النفاق للأقباط، تقدر تقول كده رموا لنا عضمة نتلهي فيها تعويضاً عن عدم الاستجابة لرغبتنا بحذف المادة الثانية من الدستور التي تقول: «إن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي والوحيد للتشريع» عاوز تفهم حكاية رفض قيام الأحزاب علي أساس ديني، الناس كلها قالت إن الهدف الوحيد منها هو طرد الإخوان المسلمين من الحياة السياسية، ومحو أي تأثير لهم، صحيح الهدف ده موجود، ولكن هناك هدفاً ثانياً موازياً لا يقل أهمية، وهو قطع الطريق علي أي قبطي يفكر في عمل حزب سياسي.
قلت له: كنت فاكر إن النقطة الخاصة بالإخوان ممكن تنال رضاكم.فقال: غلطان طبعاً في تفكيرك، لأنك متصور إننا مشغولين طول الوقت بإننا أقباط مضطهدين وأنتم مسلمين واكلينها والعة، لا يا حبيبي، هناك أوقات - هي الأكثر - تفكر فيها في شيئين..
الأول أننا مصريون نحلم بأن يصبح بلدنا محترماً بجد، والثاني أن النظام الذي يحكمنا يعيد ترتيب البيت بطريقة تخدم مصالح أطراف عديدة أو طرف واحد ليس هو بالتأكيد الشعب المصري، والعجيب إنهم موش فاهمين إن إحنا فاهمين وساكتين وصابرين ورافعين كل الأيادي للسماء: «يارب».

No comments: