Tuesday, January 16, 2007

عمرو خالد والمخابرات البريطانية!


بقلم أحمد المسلماني : المصري اليوم ١٦/١/٢٠٠٧
لا أعرف الكثير عن الأستاذ عمرو خالد.. لم أطالع كُتبه ولم أسمع خُطبه ولم أشاهد أحاديثه، وقد وجدت الرجل حاضرًا في دردشات هائمة ما بين معجب إلي حد الفتنة وكاره إلي حد النقمة.. وهكذا غاب عندي الرأي بشأن الداعية وما يدعو إليه.
ويقول أصدقاء لي يعرفون عمرو خالد إنه رجل مهذب، وإن لديه من المعرفة ما يكفي لما يقول، ولديه من التواضع والتسامح ما يرمّم نقص المعرفة ومحدودية العلم... البداية
عدتُ من زيارة إلي المملكة المغربية وفي صحبتي عدد من الصحف والمجلات الصادرة هناك، وكان رفيق الرحلة الصديق عمرو خفاجي مدير فضائية دريم قد أزاح عن حقائبه إلي حقيبتي عددًا آخر من الصحف، وكان من بين ما أزاحه صحيفة «حصاد الأيام» المغربية عدد منتصف ديسمبر ٢٠٠٦. وقد أبرزت الصحيفة موضوعًا ساخنًا بعنوان «المخابرات البريطانية تفضّل عمرو خالد»، وقالت إنها تنقل هذا التقرير عن صحيفة «الصنداي تايمز» البريطانية.يقول التقرير: «تعتزم المخابرات البريطانية شن حملة لكسب قلوب وعقول المتشددين وأنصار القاعدة الموجودين في بريطانيا،
بهدف منع وقوع عمليات إرهابية».. «وسوف تعتمد المخابرات البريطانية علي أئمة معتدلين لتنفيذ الخطة، ومن بين هؤلاء الأئمة الداعية المصري عمرو خالد».. «وسوف يتلقّي عمرو خالد أموالاً من الحكومة البريطانية بموجب هذه الخطة».. «والهدف من الخطة منع الإرهاب من خلال معالجة الأسباب الأساسية. والحدّ من اتجاهات الشباب المسلم تجاه تنظيم القاعدة».
لم تكتف الصحيفة المغربية بما نقلته عن الصنداي تايمز وإنما علقت قائلة: «من المعروف أن عمرو خالد علي صلة قوية بعدد من حكام الدول العربية الحليفة لأمريكا وبريطانيا وهو لا يتطرق في برامجه إلي القضايا العربية والإسلامية، وإنما يكتفي بقضايا مثل الانفتاح علي الآخر.. وهي القضايا التي تسعي المخابرات البريطانية إلي الترويج لها والتشجيع عليها بين المسلمين»... ما يخصّ عمرو
لدينا في هذا الشأن أمران أساسيان: أمر يخصّ الأستاذ عمرو خالد وأمر يخصّ صورة الإسلام في العالم، وما يخصّ عمرو في هذا المقام يحتمل عدة وجوه.. إما أن تكون الصحيفة المغربية قد حرّفت ما جاء في الصنداي تايمز، أو تكون الصنداي تايمز نفسها غير دقيقة فيما نشرت، أو أن تكون المصادر التي أعطت هذه المعلومات الصحفية إلي الصنداي تايمز مصادر مغرضة تستهدف النيل من مكانة بعض الشخصيات الإسلامية. أو يكون إذن الاحتمال الأخير..
وهو صحة كل ما نشر.. أي أن المخابرات البريطانية ستعطي عمرو خالد وآخرين مبالغ مالية لقاء مساعدة الحكومة البريطاية في مواجهة التطرف الإسلامي. وما أعتقده أن عمرو خالد شخص عاقل وحسن السمعة ويتسم بالاعتدال والاتزان، وإذا كان الخبر صحيحًا فمن المؤكد أن لديه وجهة نظر في ذلك، ولو كان الخبر خاطئًا فقد كفي اللّه المؤمنين القتال.
وفي الحالتين.. أي أن يكون الخبر صحيحًا أو كاذبًا يتوجب علي السيد عمرو خالد أن يعلن عن موقفه، وأن يكون الإعلان واضحًا لا لبس فيه.. هل الخبر صحيح أم خطأ؟ وإذا كان خطأ فعليه أن يرسل بدوره ردَّا إلي الصنداي تايمز لأن الخبر- في تقديري- يسيء إلي مكانته ويلحق الضرر بسمعته الأدبية، وإذا كان صحيحًا فهي فرصة للداعية الشاب لكي يشرح لنا وجهة نظره في هذه الشبهات بل هذا اليقين المروّع... وما يخصنّا
نأتي إذا إلي صورة الإسلام ومكانة المسلمين، ولا أدري ما هذا «الكلام الفارغ» الذي كتبته الصحيفة المغربية، من يقول بأن محاولة كسب عقول وقلوب المتشددين وأنصار القاعدة إلي الإسلام المعتدل هو هدف للمخابرات البريطانية، ومن يقول بأن منع الإرهاب من خلال معالجة أسبابه الأساسية والحدّ من اتجاه الشباب المسلم نحو التطرف هو شأن استخباراتي بريطاني،
ومن يقول بأن اهتمام الأستاذ عمرو خالد بقضايا الانفتاح علي الآخر يقع ضمن جدول أعمال المخابرات البريطانية، ومن يقول بأن قيمة التسامح والانفتاح علي الآخر هي من القضايا التي تسعي المخابرات البريطانية إلي الترويج لها والتشجيع عليها بين المسلمين، من يقول كل هذا الهراء؟!
.... إن هذه الأهداف هي بالأساس أهدافنا نحن لا أهداف المخابرات البريطانية، هي محنتنا نحن، هي أزمتنا، هي كارثتنا.. هي التحديات التي تواجهنا والأهداف التي نبتغيها.
لقد هزمَنَا التطرفُ إسلامًا ومسلمين قبل أن يصيب واشنطن أو نيويورك أو لندن أو مدريد ببعض جراح هنا وهناك. أصاب جهلاء المسلمين حفنة أبراج ومحطات ومطاعم خارج العالم الإسلامي، ولكنهم كمن ألقي قنابل نووية علي العالم الإسلامي، كأنهم اعتدوا بمطواة علي قطار يمضي هناك، ولكنهم أطلقوا الرصاص علي رؤوسنا ونحن نيام. تضررت لندن ونيويورك وانهار وضع المسلمين وتدهورت صورة الإسلام!
الأزمة أزمتنا والمصيبة مصيبتنا، فماذا لو جاءت المخابرات البريطانية أو الفرنسية أو الأمريكية أو حتي المخابرات النيبالية وقالت بهذه الأهداف التي أشرنا إليها، أي كسب قلوب وعقول المتشددين وأنصار القاعدة، بهدف منع وقوع عمليات إرهابية، هل يعني ذلك أن نفعل العكس حتي لا يكون أداؤنا مجرد تنفيذ للأهداف الغربية؟ ماذا لو اعتلي رئيس المخابرات الإسرائيلية «الموساد» منصة في مؤتمر صحفي،
وقال: «علي مصر أن تحافظ علي علاقة جيدة بين المسلمين والمسيحيين، وعليها مقاومة نشاط تنظيم القاعدة في أرضها، وكسب الرأي العام من خلال إقرار النهج الديمقراطي وتعزيز الحريات، ومنح المعارضة فرصًا حقيقية للمشاركة السياسية، ودعم علاقة الأجيال الجديدة بالعالم من خلال توسيع فرص البعثات والتعليم في الخارج».. هل يعني ذلك أن من يسعي إلي تنفيذ هذه الأجندة هو منفذ لخطط الموساد في مصر؟!
.. أقول- بمسؤولية كاملة- إن إسرائيل قد تفكر معنا بهذه الطريقة، كلما اتجهنا في العمل الوطني خطوة للأمام وجدنا ساسة في إسرائيل يناشدوننا بالإصلاح أكثر وأكثر، حتي يصبح مشروع الإصلاح بل مشروع التقدم بكامله أشبه بالمشي علي خطي إسرائيل. ما أقوله بوضوح: فليحترمه كل الأعداء، ليقولوا ما يقولون، نحن لدينا ما يكفي من العقل والإدراك ما يمكننا من تبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر.
كان ينبغي علينا لو أننا في وضع رائع أن نقاتل بأنفسنا الخارجين علي هذا الدين، كان ينبغي أن تكون معركة الإرهاب هي معركة المسلمين أنفسهم مع الإرهاب.
كان ينبغي أن نخوض نحن الحرب ضد «الفئة الباغية»، ولكن أن يتصدّر للقتال آخرون لديهم مطامع وأغراض ومصالح ولديهم فوق ذلك رؤي دينية ومذهبية حاقدة وكريهة ضد الإسلام وضد المسلمين، فهذا لا يعني أن الموقف قد تبدّل وأن الخطأ صار صوابًا.
في كلمة واحدة.. لدينا رؤيتنا لبلادنا وديننا أفئن قال بها الآخرون تركناها؟.. لا واللّه لن يكون.

No comments: