بقلم محمد صلاح ١٨/١/٢٠٠٧
يكاد المرء يمل من كثرة الأخبار والتقارير والتحقيقات والحوارات والنشرات والبرامج التليفزيونية عن «الإخوان المسلمين» وكأن تلك الجماعة التي أسست العام ١٩٢٨ لم تظهر إلا الأسبوع الماضي،
أينما تذهب فإن نشاط الإخوان أو الحملات ضدهم والهجوم عليهم والدفاع عنهم يلاحقك والبعض يصور الأمر وكأن الجماعة انكشفت أمام الرأي العام وجموع الشعب وأن أحداً لن يثق في قادتها وأن اندفاع الشباب للالتحاق بعضويتها توقف وأن مرشحي الجماعة في أي انتخابات نقابية أو برلمانية لن يحصلوا إلا علي أصواتهم أو علي الأكثر أصوات أقاربهم
والبعض الآخر يشدد علي أن التنظيم صاحب التاريخ الطويل والخبرات العريضة وقادته الذين يتعرضون للسجن أحياناً والنفي أحياناً القادرون دائماً لديهم القدرة علي ضبط الأمور وتجاوز المحن واحدة وراء الأخري وأن الحملة الأمنية والسياسية والإعلامية ضد جماعتهم تقويهاً وتجعل الناس يتعاطفون مع رموزها وعناصرها، وأن أحداً لا يصدق أن هؤلاء الذين يتحدثون في الدين تارة والسياسة تارة أخري يريدون سوءاً بالوطن أو يضمرون شراً بالشعب.
ما بين صحيفة وأخري وبرنامج تليفزيوني وآخر يدور السجال ولا أحد ينتصر ويجري السباق ولا أحد يربح والوضع علي ما هو عليه دون تغيير. تماماً كما جري في سنوات سابقة تصور فيها البعض أن الإخوان لديهم القدرة علي تمكنهم من القفز علي مقاعد الحكم في حين رأي البعض الآخر أن الإخوان يلعبون بالدين وأن الناس البسطاء ينخدعون بكلامهم المعسول وأن من يقترب منهم ينكوي بنارهم وأن البعد عنهم غنيمة،
وأن النظام يمكن سحقهم إذا أراد وأن الجماعة مهما طال عمرها فإنها ستنتهي وتصبح مجرد ذكري.
نحن نعيش مباراة بين أنظمة الحكم المتعاقبة وجماعة الإخوان المسلمين بأجيالها المختلفة جيلاً وراء جيل ربما سجل أحد في المباراة هدفاً في مرمي الآخر في مرحلة تاريخية لكن سرعان ما عدل الآخر المسار وعادل النتيجة ثم تقدم بهدف، يتكرر مرة أخري.. أطراف كثيرون يرون ويشاهدون ويتابعون ويحللون ويعلقون وربما يؤثرون بمواقفهم المشجعة لطرف ضد الآخر في بعض من فترات المباراة،
لكنهم جميعاً لا يقدرون علي حسم النتيجة لصالح هذا أو ذاك، ولا يبدو أمل في أن تنتهي المباراة قريباً وحتي إذا انقطعت أنفاس المتابعين والمشاهدين فإن أنفاس طرفي الصراع طويلة وكل منهما يخزن من القوة ما يمكن أن يستمر آملاً أن ينهك الصراع خصمه قبل أن ينتهيه.
يتورط قادة الإخوان كثيراً في تصريحاتهم ولا يتعاملون مع وسائل الإعلام بحذر،
ويطاردهم الإعلام ويسقطهم في أخطاء فادحة لتبدأ كل مرة «حفلة إخوان» جديدة ضمن الوقت الأصلي للمباراة وعندما ينشغل الناس بملاحقة أخبار السباق بين الطرفين يغرق الناس في العبارات أو يحترقون في المسارح أو تلفحهم أسعار السلع وتخنقهم الشوارع بعدما ضاقت عليهم الشقق والمساكن وينهار التعليم ويتخلف وتضرب القطارات بعضها البعض وتنتشر أكياس الدم الملوثة في المستشفيات وتزداد طوابير العاطلين والباحثين عن مصادر أكل العيش وتنتشر المسامير في العيش الذي يتحول إلي طباقي والمباراة تستمر و«الحفلة» قائمة.
No comments:
Post a Comment