Sunday, January 14, 2007

لا ديمقراطية .. حتى إشعار آخر !



المصريون : بتاريخ 14 - 1 - 2007
جمال سلطان
حوار الرئيس مبارك مع الأسبوع أكد وجود موقف سلبي عميق جدا في وجدان الرئيس وعقله تجاه الحالة الإسلامية ، ليس في مصر وحدها بل في العالم كله ، فالرئيس لم يكتف بالحديث عن "مخاطر" الإخوان المسلمين في مصر وحسب ، وإنما اعتبر أن هذا الخطر ينبع من كونها تعتمد على مرجعية دينية إسلامية في فكرها وسياستها واعتبر الرئيس ذلك هو الخطر بعينه ، وأشار إلى أن صعود هذا التيار سيؤدي إلى هروب رأس المال من البلد وتوقف النمو الاقتصادي وسوء الأحوال مشيرا في حديثه إلى تجارب أخرى في بلدان قريبة ، ولا أدري هل يقصد تجربة حماس في فلسطين مثلا والحصار الدولي الذي فرض على الشعب الفلسطيني لأنه اختار حماس ، أم أنه يتحدث عن العراق أو عن السودان وهي كلها تجارب لها خصوصيات تتقاطع مع مؤامرات دولية وإقليمية ، لكن لا أفهم لماذا يتجاهل الرئيس مبارك تجارب إسلامية أخرى مهمة جدا بل ومذهلة في تحقيقها لطفرة اقتصادية وتنموية وأيضا طفرة على صعيد الممارسة السياسية والحريات العامة ، لماذا يتجاهل تجربة المفكر الإسلامي الكبير الدكتور محاضر محمد رئيس وزراء ماليزيا السابق والذي حول بلده من "جمهورية موز" قبل ربع قرن إلى أحد النمور الآسيوية الفذة ، وارتفع بمستوى الدخل القومي إلى عشرات الأضعاف وفرض احترام بلاده على العالم كله ، لماذا يتجاهل الرئيس مبارك تجربة الحركة الإسلامية في تركيا وحالة النمو في الوعي السياسي والفكري داخلها واختياراتها الليبرالية التي حققت بها طفرة اقتصادية كبيرة في خلال سنوات قصيرة حكمت فيها ،وخاصة تجربة حزب العدالة ورجب طيب أردوغان وعبد الله جول ورفاقهما ، بل إن تركيا أصبحت اليوم جاذبة لرأس المال الدولي لإنجاز مشاريع عملاقة وأيضا نجاحها في وقف الفساد المالي والإداري مما أتاح للدولة أن تنجز مشروعات تنموية وبنية أساسية رائعة وأصبحت تركيا تتعافى اليوم اقتصاديا وسياسيا وتنمويا ، لماذا يتجاهل الرئيس مبارك هذه التجارب وهي أفضل ألف مرة من تجربة الحزب الوطني الحاكم ، والذي لم ينجز أي شئ على الإطلاق يستحق الذكر طوال ثلاثين عاما من قبل مبارك ومن بعده ، لا في الاقتصاد ولا في السياسة ولا في التنمية ، بل إن معيشة المصريين ـ بشهادة الواقع الذي لا يكذب ولا يتجمل ـ تزداد سوءا ، سواء في مستوى الدخل والقدرة على توفير متطلبات الحياة الأساسية أو على مستوى الحريات العامة وكرامة المواطنين أو على مستوى البنية الأساسية الفعلية للتقدم والنمو كالنظام التعليمي والبحث العلمي والتقنية وغيرها ، غير أن الموقف السلبي الراسخ في ضمير الرئيس مبارك تجاه التيار الإسلامي يؤكد استحالة تحقق أي تطور ديمقراطي أو سياسي حقيقي في مصر حاليا ، لأنها أصبحت عقدة بلا حلال ، فأنت لا يمكنك أن تحقق حياة سياسية حقيقية وديمقراطية جادة بدون أن تدمج التيار الإسلامي بكل طوائفه فيها ، لأنه يعبر عن ملايين المصريين وأشواقهم ولا يوجد أي حاكم يستطيع أن يتجاهل نصف شعبه مثلا لمجرد أنه "مش مستظرف اختيارهم" ، كما أن الإصرار على هذا الموقف السلبي هو عناد غير مناسب مع الواقع وحركة التاريخ ، لأن الظاهرة لا تتعلق بمصر وحدها ، بل العالم كله يبحث عن التعايش الآن مع هذا التحول الإنساني ومظاهره ويبحث عن كيفية إدماجه في المنظومة السياسية ، ويدرك أن هذه حقيقة إنسانية حالة لا تقبل التجاهل كما أن الصراع معها مضيعة للوقت وإهدار للجهد والإمكانات لأنها بلا أفق وبلا نتيجة ، سواء داخل العالم الإسلامي أو حتى في أوربا وأمريكا ، فكيف إذا كنت تتحدث عن بلد مثل مصر بكل عمق الإسلام فيها الذي يتنفسه الناس في نومهم وصحوهم وحياتهم ومماتهم وصباحهم ومسائهم وحلهم وترحالهم وأكلهم وشربهم وزواجهم وبيعهم وشرائهم وجدهم ولهوهم ، .. باختصار موقف الرئيس مبارك الذي صرح به في حوار الأسبوع يعطي إشارة واضحة إلى أنه لا أمل في ديمقراطية بمصر الآن وحتى إشعار آخر ..

1 comment:

Memo said...

احنا اتعودنا
وبقينا ماشين بمبدا المتعودين
وشكرا