بقلم د.محمود خليل ١٤/١/٢٠٠٧
كان الموبايل هو بطل العديد من الأحداث الساخنة التي شهدتها الأيام الماضية، فبعيداً عن الدور الذي قام به في فضح الطريقة الهمجية التي تم بها إعدام الرئيس الراحل صدام حسين، كان الموبايل هو الأداة التي كشفت بعضاً من ممارسات التعذيب التي يقوم بها رجال الشرطة في الأقسام والتي لا تراعي أبسط قواعد حقوق الإنسان،
وقد استخدمت كاميرات الموبايل في تصوير هذه المشاهد ، ثم تم وضعها علي شبكة الإنترنت لتصبح متاحة للجميع. وقد تداولت العديد من وسائل الإعلام خلال الأيام الماضية هذا الموضوع، في الوقت الذي بدأت فيه هذه التسجيلات، التدفق في شكل رسائل قصيرة علي أجهزة الموبايل إلي آلاف الأشخاص، وفي لمح البصر أصبح الموضوع حديث الشارع المصري.
وفي سياق ذلك اضطرت الداخلية إلي التحقيق في الأمر للتأكد من مدي صحة هذه المشاهد واكتشاف العناصر زT٤تي قامت بتعذيب مواطنيها الأعزاء، وبالفعل تم الوصول إلي ضابط وأمين شرطة من أبطال أحد المشاهد التي تناقلتها أجهزة الموبايل، وتقرر القبض عليهما، وسيقا إلي القضاء المصري في ظل حراسة مشددة تحرص أول ما تحرص علي تجريد الحاضرين من أجهزة الموبايل.
وتضعنا هذه الأحداث أمام عدد من الحقائق الواجب الالتفات إليها: أولاها أن شيئاً في هذا العصر لم يعد من الممكن أن يتم في السر أو في هدوء بعيداً عن أجهزة الإعلام، بعد أن أصبح البشر جميعاً رجال إعلام ،يمتلكون الأدوات التي تمكنهم من تسجيل الحدث ونقله بالصوت والصورة، وإذا لم تمكنهم وسائل الإعلام التقليدية من بث ما تم تصويره إلي الجمهور فقد يسرت لهم الإنترنت سبيلاً سهلاً إلي ذلك. هذا التحول الذي استوي ونضج الآن لم يعد يعطي فرصة لأي قوة أو حكومة لكي تستر عوراتها بعد أن شاء الله فضحها بأيدي مواطنيها.
ومن الأمور التي تدعو إلي العجب الآن أن العديد من الحكومات تغض اhbin D٩ عن هذا التحول أو تنظر إليه بعيون من زجاج تلمع و لا تري. ولو كان هناك رجل رشيد في أي نظام من الأنظمة التي تحكم منطقتنا، لأدرك هذا الأمر ووعاه، لكن الحكومة لدينا ولدي غيرنا تتعامي عن ذلك لأنها لا تريد أن تعدل أسلوبها في الحكم وأدواتها في التعامل مع شعوبها. فلم يزل أغلبها متمسكاً بالطرق التقليدية في الحكم، القائمة علي الضغط والقمع والتعذيب والتقييد.
الحقيقة الثانية التي يجب التوقف أمامها هي ذلك الهوس لدي بعض الشخصيات بتصوير مشاهد من ممارساتها المحرمة أو غير القانونية بواسطة كاميرات تختلف في أنواعها وآخرها كاميرا المحمول. وربما لم ينس البعض حتي الآن ما قام به أحد الأطباء من تصوير مشاهد جنسية كان يقوم بها مع مريضاته،
واستخدم فيها هذه التكنولوجيا الحديثة التي حولت كل غرفة في بيت وكل ركن في شارع إلي ستديو إعلامي. وقد تكون هناك دوافع معينة لدي من يقومون بتصوير هذا النمط من المشاهد الساخنة ، لكن %terceptor_geD٨ الذي يشق علينا فهمه فعلاً هو قيام بعض الضباط من هواة تعذيب المواطنين بذلك، فلا يعقل أن مسألة التصوير تمت فــــي غفلة منهم.
والسؤال الذي يطرح نفسه: فيم يفيدهم تسجيل هذه المشاهد التي تعد قرائن واضحة لإدانتهم فـــي حالة اكتشافها؟ وهل يمكن أن نفهم هذا السلوك في إطار عمليات التسخين ( بالمدلول الرياضي بالطبع) التي يقوم بها بعض الضباط قبل الإقدام علي تعذيب أحد المتهمين أو المتهمات من أجل انتزاع اعتراف منه ؟.
والسؤال الأهم: كيف تم نشر هذه المشاهد المتنوعة في غفلة من هؤلاء الضباط والشرطيين الذين سمحوا بتصويرها، وربما باستخدام أجهزتهم التليفونية الشخصية ؟
إن الأمر يبدو وكأن الحكومة قد سمحت بل وساعدت علي انتشار هذه المشاهد للتعذيب في الأوساط الجماهيرية من أجل إشاعة حالة من الذعر بين الناس.
إن كل المشاهدات التي تزدحم بها الساحة حالياً تشهد علي ذلك، وتؤكد أن الدولة تحاول مرة ثانية أن %Aبتها إلي الشارع وتزرع الخوف في النفوس من جديد بعد أن تجرأ البعض، بما لم يكن يتخيله أحد خلال انتخابات رئاسة الجمهورية وانتخابات مجلس الشعب عام ٢٠٠٥ .
فهتافات كفاية ونجاحات الإخوان الذين يتم الآن القبض علي كوادرهم وقياداتهم بصورة شبه يومية، لم تكن بمنأي عن حكومتنا التي حاولت أن تبدو في صورة الحكومة الطيبة الوديعة نسبياً خلال العامين الماضيين، وقد آن الأوان لتعود إلي الصورة التقليدية التي تدير بها شعبها الطيب.. صورة أمنا الغولة !. ومن المهم ألا ننسي تلك التصريحات التي أدلي بها رئيس الحكومة منذ عدة شهور حول عدم نضج الشعب المصري وعدم استعداده لتحول ديمقراطي حقيقي.
وإذا تذكرنا ما سبق وقلناه في بداية هذا المقال من أن الحكومة لدينا لا تريد أن تعدل من أساليبها التقليدية في حكم الشعب فإن صدرنا يمكن أن يتسع بسهولة لقبول هذا التفسير .
فكم من وقائع ومشاهدات عبر تاريخنا تشهد علي أن حكومتنا كانت٩ زرع الخوف في نفوس المواطنين من أجل ردعهم عن بعد، بنظام «الريموت كونترول» الذي كانت تمسك به وحدها، ومما لا شك فيه أن إصرار الحكومة علي هذا النهج يبرر ما ذهبنا إليه من أنها يمكن أن تكون وراء انتشار هذه المشاهد السادية ، وهي في ذلك تتشابه مع الحكومة العراقية التي أشرفت علي تسجيل لقطات إعدام الرئيس العراقي - عبر أجهزة الموبايل - لتوزعها بالمجان علي الجمهور العربي ، بعيداً عن تمثيلية التحقيق الذي تجريه مع الشخص المسؤول عن التسريب .
2 comments:
حنا كدا دايما بننشر غسيلنا الوسخ
قدام الناس اكيد الموضع ده هيفضل يكبر لحد ما هيبقى هوايه عند الناس
ده كان شيء متوقع
سلام عليك يا ابراهيم
بالنسبة لنقطو تصوير عمليات التعذيب في الاقسام
انا شفت واحد من التسخيلات و كان صعب جدا من اهانه للانسان قبل ما يكو وجع و المجسدي و اظن انه فعلا زي ما الكاتب "قال ان الهدف منه هو
إن الأمر يبدو وكأن الحكومة قد سمحت بل وساعدت علي انتشار هذه المشاهد للتعذيب في الأوساط الجماهيرية من أجل إشاعة حالة من الذعر بين الناس"
و اظن انه ده نوع من فرض السيطرة لان في الاخر كل واحد هيكون همه هو ان ولاده يفضلوا جنبه و ماشيين جنب الحيط و لا يتدخلوا في اي امر خارج عن الاكل و السكن و بس
ربنا يستر علينا
سلام
مها
Post a Comment