بقلم رولا خرسا ١٠/١/٢٠٠٧
لا يستطيع أي متابع للنفس البشرية إلا أن يتوقف أمام شخصية الرئيس الراحل صدام حسين، ظروف حياته وتفاصيلها ليست بالعادية، وسأحاول اليوم أن أنقل صورة صدام حسين الإنسان كما أراها.
ولد صدام حسين في قرية «العوجة» التابعة لمقاطعة تكريت لعائلة تمتهن رعاية الأغنام، لم يعرف صدام والده قط، إذ توفي قبل ولادته بخمسة شهور ولحقه أخوه ذو الاثني عشر عاما، والذي توفي جراء إصابته بالسرطان تاركا والدته تعاني في فترة حملها الأخيرة، وكانت النتيجة أنها حاولت إجهاض جنينها «صدام»، وقتل نفسها.
ولد صدام وعاش طفلا يتيما، وعاني مما يعانيه الأيتام من نظرات الشفقة أو العكس، الاستقواء علي من لا ظهر له، وبعد ولادته تخلت عنه والدته وتركته لخاله خير الله طلفاح ليرعاه، ونتوقف هنا للحظات لنتخيل حياة طفل شعر أنه منبوذ منذ اللحظة الأولي، والدته التي من المفترض أن تعوضه فقد الأب تخلت عنه فأصبح يتيما من الطرفين حتي ووالدته علي قيد الحياة، وزادت معاناة الطفل عندما تزوجت والدته صبحة طلفاح للمرة الثانية، وأنجبت له ثلاثة أخوة، وكان زوجها إبراهيم الحسن يعامل صدام بقسوة شديدة عند عودته للعيش معها، لم يحتمل الطفل كثيرا،
وانتقل وهو في العاشرة إلي العاصمة بغداد للعيش مجددا مع خاله الذي كان سنيا متدينا. والتحق صدام بالثانوية الوطنية في بغداد، وفي سن العشرين وبدعم من خاله التحق بحزب البعث الثوري القومي العربي لتتغير حياته وإلي الأبد، وبدأ صعود صدام بعد أن قرر البعثيون اغتيال رئيس الوزراء عبد الكريم قاسم وأصيب صدام بطلق ناري في ساقه ولاذ بالفرار إلي سوريا ومنها إلي القاهرة ليعيش فترة في حي الدقي ثم يعود إلي بلاده ويصبح الرجل القوي والحاكم الفعلي للعراق قبل أن يصل إلي الحكم بشكل رسمي عام ١٩٧٩ .
وتاريخ العراق مليء بالدماء لذلك كان لا بد لمن يحكم أن يتوقع الانقلابات في كل ثانية، وأن يدير شؤون البلاد بيد من حديد. سمعت كثيرا عن جرائم ارتكبها صدام حسين كانت أشبه بالأساطير، مثل قتله معارضيه وإعدامهم، أو حتي قتله صهريه بعد فرارهما إلي الأردن وعودتهما بعد أن وعدهما بالأمان، وحنث بالوعد، حروبه الكثيرة والتي يعلم الكثيرون أن أمريكا كانت وراءها لكسر شوكة إيران والمد الشيعي في المنطقة، زيارة السفيرة الأمريكية له و تطمينه أن باستطاعته غزو الكويت،
و كان اعتماد صدام علي أمريكا القوة العظمي وثقته فيها، وهو الذي لم يثق في أحد، دليلاً علي سيطرة منطق القوة علي حساباته، وما لم يأخذه بعين الحسبان، أن الأقوياء أيضا يمكرون ويخونون، فأصبح دمية بين أيديهم بعد أن وعدوه بالمساندة، وهنا يبرز إحساسه المستمر بعدم الأمان، بعدم الاستقرار، لو أنه اكتفي بإدارة شؤون شعبه الداخلية لأصبح العراق اليوم واحداً من أقوي دول المنطقة، ولكنه الخوف من انقلاب أو إطاحة
، ومن تربّ علي عدم الأمان، لا ينجح - مهما وصل إليه من قوة أو سلطة - أن يتخلص من سيطرته عليه، ووقع العراق، ووقع بعده صدام، و كان آخر ما ردده قبل شنقه: فلسطين عربية، وقلت لنفسي: تراه بعد كل ما ارتكبه وما ارتكب في حقه لا يزال مؤمنا بما بدأ عليه حياته كبعثي؟ وتساءلت: تراه كان يردد في قلبه: هذا ما جناه أبي وأمي علي؟ ربما، والمؤكد أنه شخصية تستحق الدراسة، رحم الله موتانا جميعا.
1 comment:
صحيح ان صدام من الشخصيات التى تستحق فعلا الدراسه و لكن مهما كانت المؤثرات فى هذه الشخصيه فقد ارتكب الكثير من الجرائم تجاه الشعب العراقى و لكن النهايه كانت اسؤا من ما توقعه اى فرد
فالنهايه ليست فى مشهد الاعدام لانه ليس اللا بمثابه اعلان للعالم كله من امريكا ان هذه نهايه من سيفكر فى الانسياق بعيدا عن ارادتها
ليت النهايه كانت من اختيار الشعب العراقى و لكنها ايضا تنفيذا لليد الامريكيه الصهونيه
اين نحن من كل هذا
؟
تحياتى
Post a Comment